الوحدة 30-9-2020
(حطّوا إيدكم ع الجرح)، دعوه يتألم قليلاً قبل أن يتحول إلى أثر دائم لا تمحوه السنون!
الكلّ يهرب من اليوم إلى الغد، على جنح وعدٍ أو وهمٍ، المهم أن يمضي هذا اليوم بغضّ النظر عن تفاصيله…
الحلول… أي حلول؟ أو هل ما زال بيننا من يصدّق أن هناك حلولاً قادمة، وهل ستنجو هذه الحلول من اللصوصية وقطّاع الطرق؟
لسنا عاجزين لدرجة أن نكتفي بالنحيب كالسبايا، ولكننا كمواطنين، عاجزون عن الوصول إلى أوكار (الذنابير أو العقارب)، ولا يحق لنا أن نسأل (مارقاً) أو متنفذاً: من أين لك هذا؟
نظرياً، وكلّنا من يمثلنا لإنجاز مثل هذه المهام، والدفاع عنّا بوجه المظالم التي نتعرّض لها..
أن نكون أكثر ثقة بممثلينا في مجلس الشعب، فهذا يطالبهم بالكثير من العمل والمتابعة، وبشكل مختلف جذرياً عن كل ما عايشناه سابقاً، وإن امتلك نصف أعضاء مجلس الشعب هذه الرغبة وتسلّحوا بالإيمان بهذا الدور، فقد نقطف بعض العناقيد، والمسألة لا تحتاج إلى تأجيل من دور إلى دور، أو من جلسة إلى أخرى، فمع كل يوم تأخير هناك وجع يزداد ويتضخّم ويكاد يتحول إلى ورم سرطاني تصعب معالجته…
ببساطة متناهية، وحتى لا تضطرب حسابات الحكومة المالية، فإن ما يُصرف تحت مسمى حوافز ومكافآت وبدل عمل إضافي (وفي معظمه يفتقد للمقومات الموضوعية، وتستفيد منه أسماء مكررة ومدللة) هذه المبالغ تعوّض قسماً كبيراً من الحسميات على الرواتب، وإلغاء بعض هذه الحسميات يصيب الجميع بالفائدة…
استمعنا خلال الأيام إلى بيان الحكومة من أجل نيل ثقة مجلس الشعب، وراجعنا أرقام اعتمادات 2021، واستمعنا إلى بعض مداخلات أعضاء مجلس الشعب، والخوف:
– أن يبقى البعض من أعضاء مجلس الشعب نائماً ولا يستيقظ إلا على صوت التصفيق، أو عندما (ينكشه) زميل له من أجل رفع يده بالموافقة، وربما لا يعرف على ماذا!
– الخوف أيضاً أن تبقى العناوين (الرنانة) التي أطلقتها الحكومة مجرد عناوين نشرناها في جريدتنا وفي غيرها من وسائل الإعلام، ومن يراجع تصريحات الحكومة السابقة يعتقد أنه في بلد لا مشاكل فيه، ولا شيء ينقص مواطنه إلا (الرضا)!
– والخوف أيضاً استمرار الرهان على قدرة المواطن على التحمّل، فيفّرغون هذه القيمة من مضمونها، ويتخذونها منصة لأي فشل قد يقعون به…
– والخوف أيضاً أن نفقد كإعلام وطني كل الأوراق التي نستطيع من خلالها (تجميل) الواقع، أو دعوة الناس لـ (التضحية) والصبر، وتقريباً وصلنا إلى حافة ذلك!
نحن (موظفون حكوميون) لكن دورنا الرقابي يفتح أمامنا المجال لمصارحة الجميع بـ (الواقع كما هو) ويختلف دورنا عن دور (مديرين) لا يهمهم إلا أن تكون تقاريرهم السنوية (متطورة على الورق) ولو كان من ناحية زيادة عدد المرضى لأن ذلك يدخل في أرقام (المشافي )على أنه إنجاز!
لا يصحّ أن تطالبنا الحكومة بـ (المزيد من الوقت) لأن أغلب الوزراء استمروا في وزاراتهم، ولأن عمل أي وزارة ليس مبنياً على شخص الوزير، وبالتالي فإن الاقتراب أكثر من تفاصيل وهموم المواطن، وفق ما وجّه إليه السيد الرئيس في أكثر من مناسبة هو المطلوب، والقوانين الموجودة حالياً على أهميتها، فهي قوانين وضيعة، وإن وجدنا فيها ما يعرقل أي توجه إيجابي فبإمكاننا تغييرها (في أرضها) كما يقولون..
زياراتكم الاطلاعية ليست مهمة، وتكاليف أي زيارة (لمجرد الزيارة) قد يغطي تزفيت طريق لقرية أو إصلاح فرن، أو تشغيل مضخة مياه لساعة إضافية..
علينا أن نكون عمليين بما فيه الكفاية، وكما يُفرض علينا (نحن صغار الموظفين)تقشفاً لم يسبق له مثيل على كل الأصعدة، يجب أن تفرضوا هذا الأمر على أنفسكم وعلى من يدور في فلككم…
المواطن ليس دائماً على حقّ، ولكنه أيضاً ليس على تقصير دائم، وكل ما من شأنه زيادة العملية الإنتاجية علينا دعمه فذلك أهم من مخصصات البنزين لأي مسؤول، وأهم من (النثريات) في ميزانية أي جهة، شرط أن يكون الإنتاج حقيقياً وتحت المراقبة ويرفع الدعم عنه إن لم يحقق ما دُعم من أجله…
نتمنى الخير لأنفسنا وهذا معناه أننا نتمنى الخير لبلدنا، وأهم توجّه وقرار في الأيام الماضية هو قرار زيادة ورفع قيمة (الجعالة) للعسكريين، فهذه المؤسسة تستحق الدعم المطلق، وكل ما دونها.. دونها..
صحيح أنها بداية مرحلة عمل جديدة وأنه يتوجب علينا التروّي والصبر بعض الشيء، لكن الصحيح أو الواجب أن الجميع يعرف ما عليه فعله، ويعرف أدق التفاصيل وإلا لا يصحّ أن يوزّر!
الحكومة ومجلس الشعب وهذا المواطن الذي تحمّل ويلات عقد ونيّف من الصمود والتضحيات والمعاناة، آنَ له أن يمدّ عنقه للريح بحثاً عن نسمة عليلة تنعش حياته من جديد…
غانم محمد