صالات دور السينما ذاكرة الماضي يمحوها الحاضر… فكيف يمكن إعادة إحيائها؟!

الوحدة 15-9-2020  

 

يعد الفن السينمائي واحداً من أكثر أنواع الفن شعبية، وتكمن أهميته في كونه أحد الوسائل الإعلامية انتشاراً في المجتمع فالإبداع الذي تظهره السينما يمكن من خلاله أن تتفتح الأذهان لأفكار خلاقة، فقد نشأت السينما ضمن سياق التطور التكنولوجي بعد تطور التصوير الفوتوغرافي وآليات عرضه وتحريكه، ففي السنوات السابقة كان للسينما دور أساسي وهام من خلال عرض أقوى البرامج والأفلام وظهور التنافس الحقيقي بين دورها لعرض أحدث الأفلام وتوفير آلات العرض التي تستقطب شريحة واسعة من الفئات العمرية..

واليوم يستهين الكثير من الناس بقوة السينما وآثارها الاجتماعية والفكرية وهذا يعود إلى تدني الاهتمام بها وقلة صالات عرضها في مدننا، فما هي الأسباب التي أدت إلى تراجع السينما وانعدام صالات ودور عرضها وما هي أهمية دور السينما في الحياة العامة؟!.

 وهل عامل الإنتاج الفني أصبح معدوماً للجميع أوهل انعدم ما يسمى بإنتاج الأفلام السينمائية أم أن عامل وسائل التواصل الاجتماعي والنت والتقدم التكنولوجي أدى إلى اندثار هذه الصناعة وصالات عرضها.

تراجع دور السينما

ولمعرفة ما في جعبة المعنيين بالسينما وصالاتها وحول أهمية دور السينما وتراجعها والإجابة على كافة الأسئلة المطروحة حولها التقينا  محمد عاقل مدير صالة الكندي في اللاذقية الذي حدثنا قائلاً: للسينما أهمية كبيرة لأنها تعكس الواقع الثقافي والحضاري للمجتمعات، يقول هنري آجيل (السينما هي الفن الشامل الذي تتجه نحوه كل الفنون الأخرى), كانت هناك عدة صالات للسينما في محافظة اللاذقية منها سينما (اللاذقية، الدنيا، الأهرام، الكندي، دمشق، أوغاريت) وكانت هناك منافسة شريفة بينهم فهي الملاذ الوحيد حينها وتغص بالزوار، وللأسف الصالة الوحيدة التي لا تزال تعمل حتى الآن هي صالة الكندي لأنها تابعة لوزارة الثقافة وباقي الصالات مغلقة بحجة الإصلاح بالرغم من أن محافظة اللاذقية سياحية وممنوع إغلاق صالاتها، وكان لانتشار الفيديو الأثر الكبير في تراجع هذه المهنة يضاف إليها الأنترنيت ووسائل التواصل الاجتماعي التي مكنت المتابعين من الوصول إلى مبتغاهم بسهولة.

وأشار عاقل إلى أن وزارة الثقافة قدمت تسهيلات لمالكي الصالات الخاصة ووافقت على أن تهدم الصالات بشرط إعادة تأهيلها وصيانتها والمحافظة على صالة صغيرة تضم على الأقل مئة كرسي لكن دون جدوى فالصالات بقيت مغلقة ولا نية لمالكيها بإعادة فتحها من جديد.

ويمكن تطوير هذه المهنة بتجهيز الصالات كما فعلت وزارة الثقافة مشكورة حيث جهزت صالة الكندي بأحدث المعدات التقنية من صورة وصوت ورفد الصالة بأحدث الأفلام حيث افتتحت الصالة في ٢٠١٩/١٢/١٩ وكان الإقبال عليها كبيراً وغصت بالزوار ولوحظ عودة الجمهور المنقطع إلى الصالة فهناك فئات عمرية مازال لديها الاهتمام والمتابعة الأسبوعية بزيارة صالات دور العرض ومتابعة أهم ما يعرض بها من أفلام حديثة لأن الجلوس أمام شاشة السينما له شعور خاص يبقى مزروعاً في الذهن مدى الأيام، ولكن للأسف أثرت جائحة كورونا سلباً على عمل الصالة ونأمل بعد انتهاء هذه الجائحة أن تعود الحياة السينمائية إلى عهدها السابق.

من جانبه قال الدكتور عبد اللطيف علي علم اجتماع: منذ خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم نجد أن صالات السينما محبوبة عائلياً بشكل مميز، فقد انتشرت الصالات بشكل كبير في وسط البلد وكانت ظاهرة حضور الأفلام في دور السينما طقساً جميلاً يستعد له الناس بشكل دائم ومستمر وكانت العائلة تحضر نفسها بجميع أفرادها لحضور حفلة سينمائية كل أسبوع، وأشار إلى أن مستويات دور العرض السينمائية كانت تتنوع فمنها الفخم والشعبي والتقليدي، وظلت هذه الصالات مستمرة حتى بداية التسعينات إلى أن ظهرت وسائل التكنولوجيا الخدمية، حيث توقفت الكثير منها عن العمل بشكل نهائي ومنها اندثرت تماماً وتم إقامة أو إشادة بناء عليها،  وأشار إلى أنه لا يوجد اليوم سوى صالة واحدة حكومية تحت مسمى صالة الكندي، ومن ذكريات هذه الصالات أنها تعرض فيلمين بتذكرة واحدة منها الأفلام العربية والأجنبية والحربية والأكشن وقصص الحب والكاراتيه والكثير من الأفلام.

توجهنا إلى شرائح متعددة من المواطنين ومن فئات عمرية مختلفة ومنها ما هو في العقد السادس والسابع لمعرفة رأيهم بدور العرض والسينما.

علاء عيسى: في مطلع الأربعينات والخمسينات كانت السينما في رواجها، تشهد إقبالاً كبيراً من قبل كافة الفئات العمرية إذ أن الصورة التي تقدمها السينما ودور العرض تنطبع في ذهن المشاهد وتسهم في رسم الصورة الذهنية تجاه القضايا المختلفة، والآن يتضح من خلال ما تشهده دور السينما من تراجع كبير بل وانعدام مباشر نلاحظ  غياب الكثير من الصور الاجتماعية والفكرية والثقافية التي كنا نشهدها سابقاً وخاصة خلال فترة المواسم والأعياد والصيف، فدور السينما بالنسبة  لنا نحن كبار السن كانت تشكل الوعي العام  لذلك لا بد من تطوير هذه الصناعة التي تعد إحدى الوسائل الإعلامية المهمة في حياتنا اليومية فهي تعمل على تأدية الأدوار في مجريات الحياة والتأثير بها.

وبدورها حدثتنا سهير صقر: نتذكر  كيف كنا نتردد على دور السينما بصحبة أفراد العائلة فكانت السينما جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية للعائلة، وكان لوفرة صالات السينما في قلب المدينة دور كبير في انتعاش محيطها الخارجي فالحياة كانت تدب فيه، ففي شارع هنانو كانت توجد عدة صالات سينما كاللاذقية والزهراء ودمشق وأوغاريت وغيرها من الصالات الكثيرة التي أجهل اسمها  وكانت تعرض فيها أفلام سينما سكوب بالألوان والأفلام المنوعة العربية منها والأجنبية وأفلام الأكشن والجيمس بوند و كان الإقبال عليها كبيراً جداً، واليوم أصبحت السينما جزءاً من الماضي الذي لن يعود.

ويقول أكرم صبوح: من الطبيعي أن تتراجع صالات دور السينما بشكل علني بسبب وسائل التواصل الاجتماعي كاليوتيوب الذي جعل الأعمال الفنية المختلفة تنتشر بصورة كبيرة ساعدت الناس على معرفة ما يدور في الواقع الثقافي والاجتماعي والسينمائي والفكري و إلى نشر ثقافة الشباب على الواقع، لذلك كان للسينما دورها في وجود علاقة ديناميكية بين السينما والجمهور واليوم لا أظن أن هناك خططاً ودراسات لتطوير وتحسين الواقع العام لصالات دور السينما ودورها في تنمية الوعي الثقافي والاجتماعي لدى فئة معينة من الشباب لوجود عوامل كثيرة أدت إلى خروج هذه الصناعة عن وضعها المألوف بشكل طبيعي وهناك منهج وصفي تحليلي يقوم على تجميع الحقائق حول عدم وجود تلك الصالات في مدننا وليس مدننا فقط بل الكثير من المدن العالمية ما أدى إلى خروج هذه الصالات عن عملها.

بثينة منى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار