التمرد.. حياة اللا انضباط.. بايرون دونجوان الشعر

الوحدة 10-9-2020 

 

 أحد لوردات بريطانيا ومشاهير شعرائها، شاعر راديكالي ثائر على الأعراف والتقاليد والمنغمس في الترف والبذخ، وعاش ثرياً ومات شقياً، امتاز بأشعاره الهجائية والساخرة وقصائده العاطفية الكئيبة وقدم في رواياته الشعرية المطولة شخصية النذل الخارج عن القانون والمنغمس في الجريمة، انطبقت عليه صفات الدونجوان ومغامراته مع النساء ومغامرات الرحلات والتنقلات في كثير من بلدان أوربا وخاصة الشرقية، انفصلت عنه زوجته الحامل عام 1816 وغادر بريطانيا دون أن يرى وجه ابنته الرضيعة ودون أن يعرف شكلها، أحب نابليون بونابرت وتمنى أن ينتصر على ملوك أوربا وعند موته قال: ( لقد كانت الإطاحة به سهماً أصاب رأسي، فمنذ موته أصبحنا عبيداً للأغبياء)، قال عنه الناقد الإنكليزي العريق وليام هازلت: (إنه صاحب الأفكار التي تتوهج، والكلمات التي تحرق).

 جورج غوردون بايرون من أهم الشعراء الرومانسيين الإنكليز ولد في لندن 1788 وربته والدته في اسكتلندا بعد وفاة والده انتقل إلى انكلترا لمتابعة دراسته في كامبردج، سليل العائلة العريقة يتمتع بثروة كبيرة وينفقها في أسفاره، وتوفي بالحمى في الـ 26 من عمره حين كان يدعم كفاح اليونانيين لنيل استقلالهم عن الامبراطورية العثمانية، شاب جميل الطلعة، صافي العينين، رخيم الصوت، حاد الذكاء عاش حياة مترفة وورث لقب اللورد في سن صغيرة من أحد عموم والده، امتاز بتمرده على التقاليد واحتقاره للارستقراطية وتهكمه بالشهرة، وعاش ناقداً للطبقة الارستقراطية في بريطانيا وللأوضاع السياسية في أوربا، هزأ بالشهرة وبالذي يسعى لنيل أوسمتها وأكاليلها ليضعها على جبينه المتغضن متفاخراً بها أمام الناس، ويستعيض عن الشهرة بالشباب والحب على أنه أسمى مجد، قال عن الشهرة: (إنها ليست سوى اسم وصورة بائسة وتمثال نصفي أسوأ).

 كان مرسوم مجلس العموم البريطاني القاضي  بإعدام العمال نقطة فاصلة في حياته حيث غادر مجلس العموم ولجأ للشعر سبيلاً وأداة للتعبير عن أفكاره أقصى من السياسة، وتخلى عن السياسة وانسحب من مجلس اللوردات الذي انضم إليه في الحادية والعشرين من عمره وأقام في دير كبير واتخذه مسكناً وكان خدمه من الفتيات الجميلات الخفيفات الظل وكان يظهر هو وضيوفه في هيئة الرهبان مرتدين الملابس الكهنوتية الفضفاضة السوداء وهم غارقون في سكرهم وعربدتهم وفي تلك السهرات الماجنة كانت الخادمات اللطيفات يقدمن النبيذ الذي يرتشفه بايرون وأصدقاؤه في أوانٍ أوانٍ من جماجم بشرية عولجت بالتنعيم والتلميح حتى صار لها من البريق ما للبدر في سماء الصحراء.

 بين عامي 1809- 1811 توجه إلى ألبانيا واليونان وبعدها سافر إلى تركيا وكانت حصيلة رحلته إليها ملحمته الشعرية ( دونجوان) وفي رحلته إلى اليونان أقام عند الأرملة ماكري التي كان لديها ثلاث بنات أصغرهن تيريزا ابنة 12 عاماً التي كتب لها أروع الأشعار: (يا حياة حياتي- إني أحبك- يا عذراء أثينا- هل سنفترق- أعيدي إلي قلبي).

 في إيطاليا عاش مغامرة عشقية مع الليدي كارولين لامب المتزوجة من وليم لامب المشغول دائماً بأعماله الذي تعرف على بايرون وقبل به مرافقاً وعشيقاً لزوجته وهو ما كان سائداً في إيطاليا، وفي عام 1812 تعرف على أنابيلا ميلبانك التي أصبحت زوجته في منزل عمتها الليدي ميلبورن وأنجبت له طفلة أحبها بايرون، قال عنها: ( إن زوجتي كاملة- إنها الكمال نفسه- إنها أفضل مخلوق يتنفس- لكن نفسي ترفض الزواج).

 وثابر مجونه وهو يتنقل بعلاقاته الغرامية بين كونتيسة أوكسفورد والليدي فرانس إضافة إلى حياة اللاانضباط وسرت في البلاد شائعة عن علاقة غير شرعية أقامها مع شقيقته أوغستاليف افترق على إثرها عن زوجته وخرج من البلاد نهائياً عام 1816 متوجهاً إلى بلجيكا ثم ألمانيا ليكتب النشيد الثالث (أسفار شايلد هارولد) ثم إلى إيطاليا مطلقاً العنان لحياة اللهو والمجون وكانت محطته الأخيرة في اليونان حيث شارك إلى جانب اليونانيين في حربهم ضد الأتراك وهناك أصيب بالحمى وتوفي عام 1824.

 نعمان إبراهيم حميشة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار