الوحدة: 7- 9- 2020
في سيرفيس على خط العريض– رادار بطرطوس، وضع السائق على الزجاج الأمامي ورقة رسمية تعلن التعرفة الجديدة للركوب في هذا الاختراع العظيم..
كتب عليها: تعرفة الميكروباص (9 – 14) راكباً، أجرة السرفيس ضمن المدينة 70 ليرة، أجرة السيرفيس طرطوس– الثانوية الزراعية 90 ليرة، مذيلة بتوقيع رئيس دائرة الأسعار, ومدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بطرطوس.
طبعاً، السائق لا يملك فراطة دائماً, وأبداً, وفي كل الأوقات.. ويطلب, وبصوت مرتفع من الركاب مستنجداً: فراطة يا جماعة.. اللي معو فراطة.. ودائماً لا توجد الفراطة..
سؤال يطرح بقوة: متى ننتهي من الكذب على أنفسنا, وعلى الناس يا أصحاب الأفكار الطوباوية؟!
من سيدفع سبعين ليرة, أو تسعين؟ فإذا لم تلغ بعد الخمس ليرات, أو العشر فهي في الواقع المعاش ملغية, وقد اندثرت كعملة فراطة عند أصحاب السرافيس منذ زمن إلا القلائل الذين يخافون من صوت قوي يتهمهم بالكذب لأخذ الخمس أو العشر ليرات زيادة ..
لماذا, وكيف, ومن يحدد قيمة الأجرة؟
الضمير, أم ثمن المازوت, أم الأثمان الباهظة التي تدفع لترميم هذه السيارات المتهالكة التعيسة من قطع غيار, ودواليب و…, أم حاجة المواطن القاتلة لاستخدام هذه الآلية..
صباح يوم.. صعد رجل إلى السرفيس الذي استقله, وجلس بجانبي.. انتشرت روائح سمك قاتلة في المكان, كما انتشر الذباب.. سأله السائق بقلق: هل تحمل سمكاً؟
أجاب بحرقة ولوعة: الكيلو بـ 8 آلاف الله وكيلك..
قلت: بـ 8 آلاف وتركبهم بالسرفيس! خذ تاكسي يا رجل سوف تغضب السمكات, وتتعفن ريثما تصل إلى بيتك في هذا الحر..
لم يرد.. وكأنه لم يسمع خاصة حين برر السائق امتعاضه, وهو يحكي قصة راكب آخر ملأ السرفيس بسائل السمك منذ أيام ما اضطره لغسل السيارة في مغسل, ودفع خمسة آلاف ليرة.
حين نزل الراكب الغاضب من سوء المعاملة دفع للسائق مائة ليرة تاركاً له الباقي (بقشيش)!
سعاد سليمان