وقال البحر..السياحة.. صناعة شهيرة وتجارة رائجة

الوحدة 18-6 -2020

 

تُعد سورية كنزاً حضارياً لا يُدركه إلا من يعرف معنى الجمال وقيمته الحقيقية، وتمتلك مخزوناً أثرياً كبيراً لأروع ما تركته الحضارات التي تعاقبت على أرضها من بصمات تجسدها اللوحات والصور والمشاهد الحية التي ملأت كل مكان فيها، فهي قلب الدنيا ومقصد السائحين بفضل تقاليد الضيافة المميزة والمتأصلة لدى الشعب السوري، وعلى أرضها نبتت الفنون وازدهرت بحور العلوم، وهي شاهدة على أعظم حضارات العالم، وفي ثنايا أرضها كنوز فريدة تكشف بوضوح يوماً بعد يوم عظمة تاريخها وروعة حضارتها وسحر مدنيتها وجمال ربوعها الفاتنة وهذا يخلق الرغبة في الولوج إلى عالمها بلا تحفظ والسعي فيها إلى المغامرة وعيش كل مفرداتها الراهنة مع كل ما تحمله من تاريخ إنساني وتخيلات مثيرة، فهي مهما كانت تواقة للغد فلا يمكنها التخلي عن صور الماضي، وتنبع حقيقتها من وحي خصوصيتها الشديدة التنوع، وفي عاصمتها دمشق صانعة الأحداث وقطعة الموزاييك السياحية في الاسم والشكل والمحتفظة بأمتع قصص المفاجآت وأجمل الأسرار المثيرة للخيال والتي تعد أقدم حاضرة في التاريخ ومهد أغلب الأولياء ومرقد صفوة الصالحين يقصدها السياح من شتى بقاع هذه الأرض للتجول في أحيائها وزيارة معالمها التي تسحر الأنظار وتأسر القلوب.

صناعة السياحة في سورية تلعب دوراً هاماً في عملية التنمية المستدامة باعتبارها قطاعاً حيوياً رئيسياً وهي صناعة استراتيجية ذات مردود اقتصادي كبير يساهم بفاعلية في رفد الاقتصاد الوطني للبلاد، وهي عريقة متجددة لما تملك من مقومات عوامل نجاح الاستثمار السياحي من غنى وتنوع المناطق الطبيعية إلى الموقع الجغرافي الذي يتوسط ثلاث قارات إلى منجم الأوابد الأثرية والمعالم التاريخية التي خلفتها حضارات قامت واندثرت في الماضي السحيق وبقيت شواهدها العريقة عامل جذب أساسياً للزوار والسائحين إلى راحة الإقامة السعيدة والمنافسة والمناسبة لجميع السياح وعلى جميع مستوياتهم تبعاً للرغبة والإمكانيات، ولا شك أن الاستثمار في السياحة يعد أحد أهم الأنشطة والفعاليات الرئيسية لأي اقتصاد وطني يرغب في التطور والنمو ولذلك يجد المرء أن هناك العديد من اقتصادات دول يعتمد بمعظمه على ناتج القطاع السياحي والخدمي حتى غدت هناك دولاً تشتهر باسم دول سياحية من حيث قيامها باجتذاب السياح بطرق وأساليب مدروسة مع رسم أنجح الخطط والمشاريع السياحية والتسويق لها والترويج لما يسمى صناعة السياحة ولعل فكرة إطلاق قنوات فضائية متخصصة لترويج السياحة وطرق التعريف بالمناطق الأثرية والأماكن السياحية حققت قفزات عالية و نتائج باهرة وملموسة في استجلاب السياح والتعريف بالخدمات السياحية المنافسة و المرافق السياحية الحيوية.

واجه القطاع السياحي تحديات وصعوبات كثيرة نتيجة الظروف القاسية التي عصفت به وساهمت في تأخير نموه وتطوره ولعل أكثر ما يحتاجه قطاع السياحة في هذه الأيام هو صدق الجهود المبذولة لإزالة تلك العقبات وتذليلها والبحث عن بدائل مناسبة للدفع بالسياحة نحو آفاق أرحب ونمو أوسع، إضافة إلى ضرورة توفر الإدارة الكفوءة التي تضعه على الطريق الصحيح وتوفر له بصدق كامل مستلزمات النجاح ليتمكن من تحقيق الحضور اللائق في ميادين السياحة، ومن الجدير ذكره هو ضرورة تضافر كل الجهود المبذولة لجعل السياحة صناعة رابحة وتجارة وفيرة ورافداً كبيراً للاقتصاد الوطني ومروّجاً صادقاً للحضارة والتاريخ وهذا الأمر يحتاج فعلاً من الجميع المحافظة على مستوى مناسب من الخدمات السياحية مع ضرورة المساهمة في توفير كوادر مؤهلة لهذا القطاع ومشاركة كل القطاعات في رسم وتقديم صورة ناصعة ومشرقة عن قطاع السياحة وما يتضمنه من مرافق سياحية وفنادق مميزة ومنتجعات ذات سوية عالية لاستقطاب السياح واستمتاعهم بطيب الإقامة وعطر الذكريات.

د. بشار عيسى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار