بين الشط والجبل …فوق دروب الغياب

الوحدة 18-6-2020

 

(ليتني أصير جبالاً شاهقة.. لو أنني أكون حقولاً مزدانة بالزنابق والبنفسج.. حبَّذا لو كان الكون أزهاراً، وأصبح نحلاً يرسف رحيقها.. ها قد جئتُ إلى هذه الدنيا، فلأتجول بين  هاتيك الجبال)

بير سلطان أبدال شاعر تركي قديم

أنصحك يا سيد بير إذا ما رجعت ثانية، فلا تفكر بالتَّجول بين هاتيك الجبال، لأن حكَّام أبناء سلالتك، قد زرعوا القناصة بين شعابها، ودفنوا ألغاماً كثيرة فوق الدروب الواصلة بيننا، لن ترى حقول زنابق وبنفسج، ولو تحولت إلى فراشة، فسيحرقون جناحيك…

حاولَوا إماتة الزهور فوق أرض سورية، دفعوا إلينا بقطعان كبيرة من القتلة والتكفيريين لنزع الحبِّ من قلب سورية، أبشّرك يا سيد (بير) بأننا سنحيي تلك الزهور، وسنرويها بدم شهدائنا، ولن نسمح لأحد أن ينتزع أزهار المحبة من حدائق قلوبنا، أنصحك ألا تجازف في الصعود إلى جبال بلادك إذا ما رجعت ثانية، لأنها أضحت مزروعة بمعسكرات التدريب والمرتزقة.

×××

ما دام (صامتاً كالقبر.. هادئاً كالموت) كيف له أن يعيش خارج الحياة في الظل؟

الفيلسوف السوري أحمد معروف حيدر

كانا (يجلسان وهما يشربان بعيونهما من نبيذ الأفق) وافترقا

فوق دروب الغياب.. انتظرتُكَ.. على مفترق هذا العمر.. انتظرتُكِ

وقبل ذلك، كانا قد افترشا (تراب الأرض التي أحبَّت أهله وباركته، وأرسلت من سنديانها ظلالاً لقبورهم، ومن بنفسجها عبيراً لهذه القبور).

الحرب.. هي من دفعت بهم إلى الرحيل، وبقي قلباهما حبتي قمح مدفونتين في تراب الأرض، هنا ذكريات الطفولة، وهنا كان الحبُّ القديم، والحنين إلى ارتشاف قطرات من نبيذ الأفق، من خلق على أرض، ومات في غيرها، ستبقى عبير زهرها يعبق كل ربيع فوق تراب قبره الغريب..

×××

(كلَّما جرحت هذه البرتقالة تبتسم.. كلَّما أوغلت في البحر نأي الشاطئ عني

ولكي أسترجع الشاطئ في البحر أغني)

أنسي الحاج

أنت تجرح حبة برتقال لتبتسم! وهم يبتسمون بانتزاع الأكباد من الصدور..

آه! لقد ابتعدت الشواطئ، وتكسرت النايات، هذه الأغاني الجريحة النازفة، من أي طرف سأمسكها؟

هذه الخناجر التي تنزف دماً بلون الشقائق، هل تقدر على الغناء بعد اليوم؟

ولكي نسترجع شواطئ الحبَّ في هذا البحر المتلاطم، دعني أغني.. علَّ صوتي يصل عتبات روحك يا أنسي الحاج فتستيقظ لتصفق للأغاني الجميلة.

بديع صقور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار