الكيمياء السورية

الوحدة 7-6-2020

 

شكّلت روح العروبة في سورية على الدوام رابطاً ثقافياً، وفكرياً، وسلوكياً بين السوريين لأنها نتاج تفاعل تاريخي قديم، وعريق حققه السوريون عبر التاريخ،  قبل الإسلام، وبعده، والآن غفي هذا الزمن العاصف بالتحديات.

إن سورية، مازالت المكان الوحيد في العالم العربي تشكل فيه العروبة روحه المتوهجة بالتسامح، والتفاعل، وجوهر العلاقة بين الأفراد فيما بينهم، وبين الأفراد والوطن، متجاوزة العلاقات الروحية، والإثنية.‏

هذه (الكيمياء) العروبة، هي التي حركت تاريخياً أعداء العروبة لتفكيك سورية، وتقطيعها إلى أوصال وكيانات رفضها السوريون دائماً، لقد حاول الفرنسيون في مطلع القرن العشرين إقامة كيانات طائفية، ولكن المناضلين، أمثال الشيخ صالح العلي، وسلطان باشا الأطرش، وإبراهيم هنانو، رفضوا الكيانات الطائفية بالرغم من الإغراءات التي قدمت لهم، لأن روح العروبة كانت فيهم، وبهم تزهو.‏

المسيحية السورية كانت الحاضن للإسلام الأول..‏ والحبل السري بين الثقافة العربية والثقافات العالمية، وفي العصر الحديث كان المسيحيون السوريون رواد النهوض القومي، ورواد اليقظة القومية.‏

إن العروبة في حياة السوريين، وفي معتقدهم الوطني، والأخلاقي، والنضالي هوية، تتجاوز الشعارات إلى الواقع، هي دماء سطرها المقاومون المدافعون عن عروبة سورية، في سورية تتعايش كل المذاهب، والأديان، والإثنيات بحرية، وقد بقي أبناء هذه المكونات متلاحمين، ومتعايشين في السكن، والعيش، والدفاع عن الوطن، فإننا نجد في القرية الواحدة، وفي الحي الواحد من أي مدينة سورية سوريين من كل مكونات المجتمع السوري، يتعايشون بحب، وسلام، ووئام كأسرة واحدة، لأن رابط العروبة الحضاري يجمعهم، و يشكل الرابط الأقوى، والحافز لمواجهة أي عدوان، منذ الغزو المغولي، والصليبي، والتركي، والغربي، وإلى الآن.‏

يقول هنري كيسنجر لصحيفة نيويورك:‏ إن سورية اليوم مركز الإسلام المعتدل، وفي نفس الوقت هي مركز المسيحية، وما يثير اندهاشي تلاحم الجيش السوري، والشعب السوري المكوّن من أربعين عرقاً، وهنا لب الأزمة عندنا، من هنا لابد من ضربها من الداخل، وإحراقها.

 ما يجري اليوم حرب على العروبة السورية، إن تلك الأيدي المجرمة التي تفتك بسورية، تمتد إلى الروح السورية، قبل الجسد السوري، تعبث بتاريخ سورية، وعروبة أهلها، قبل بنيتها الاقتصادية…‏

 سليم عبود

تصفح المزيد..
آخر الأخبار