الوحدة: 2- 6- 2020
رفع سعر استلام القمح من 225 ليرة إلى 400 ليرة سورية، هو اعتراف من الحكومة بأهمية دعم المنتج الزراعي من جهة، وعزوف الكثيرين إما عن زراعته، وإما عن تسليمه من جهة أخرى، أو اعتراف متأخّر بأنها لم تنصف الفلاح في السابق، وأياً كان التفسير، فإن هذا القرار خطوة في الاتجاه الصحيح، ويقترب من المثالية فيما لو خصّت مزارعي هذا المحصول الاستراتيجي بدعم (استراتيجي)، كأن تخفّض أسعار الأسمدة لمزارعي القمح بشكل خاص، ولبقية المزارعين بشكل عام، ولو بنسبة أقلّ.
القمح رغيفنا، وعنوان طمأنينتنا، وأي دعم له هو دعم لكل فرد في هذا البلد، إذ لا أحد يعيش من دون القمح، حتى أولئك الذين يتناولون (الكاتو) بدل الخبز..
إشكالية دعم المنتج الزراعي غير واضحة المعالم، وغالباً ما يسير الدعم (المكتبي) للزراعة بما يضرّ هذه الزراعة على أرض الواقع، أو بما يضرّ المرتبطين بالزراعة من منتجين ومستهلكين، وقد أثبتت السنوات الماضية أن الاستيراد لم ولن يكون حلاً، والحل الحقيقي هو في تمكين الزراعة، وفي إنعاش الريف ودعم القدرة الإنتاجية (وخاصة الغذائية) في هذا الريف.
على الورق، طرحت مشاريع كثيرة لدعم الزراعة، ولتمكين المشاريع الزراعية الصغيرة، وحتى المتناهية الصغر، وصُرفت عليها أموال طائلة، ولكن إذا ما قيّمنا النتائج بشكل موضوعي، فإننا سنتكلم عن خسارة لا محالة..
لا يكفي أن نتخذ القرارات، ولا أن نرصد لها الاعتمادات، ولا أن نوزعها على مستحقيها، لأن المتابعة أهمّ من كلّ ما تقدّم، وبقليل من التفّت حولنا، نجد أن بعضاً ممن تلقوا (الدعم) أنفقوه في غير ما كان الدعم من أجله، فهناك من باع (عنزته) التي قُدمت له مجاناً، وهناك من (تبرّجت وتزيّنت) بالقرض الذي حصلت عليه، فذهبت الأموال التي دفعتها الدولة دون طائل!
حلّ الاختناق المعيشي في المدن لن يكون إلا بإنعاش الريف، وإلزامه على القيام بدوره، لأن (الأمان المعيشي) نعمة افتقدناها، وتزداد تفاقماً مع تخلّي الريف عن هذا الدور.
غانم محمد