الوحدة : 17-5-2020
في حيرةٍ من أساي أيقظني خفقُ خطوكِ وقد رمتني الشوارع على أعطاف دهرٍ ترتعش الجهات بخاصرتيه.
كانت السماء تغصّ بركام الغيوم، والعصافير توقّفت عن لغوها، بينما ظلّ يرقص في قلبي ذاك الشعر الذي يمضي هائماً وتائهاً.
×××
عقد الحزن لساني، وأقعدتني الحادثات الدائرات من حولي، فبتّ لا أقوى على مقاربة الإشكالات النابتة من خضمّ فجائع تراكمت أفعالها المنتنة، فتقوّضت مقاصر أحلامي وتلاشت في صحوةٍ أو في مساء.
×××
تمشي الهموم بمرقدي، وقد امتّدت يد البلوى إلى كلّ ما هو جميل في وطني، حتى ضحكاتنا التي كانت تشرق في مجالسنا تيّبست على شفاهنا، فلقد دثر الردى شبابنا، وملأت الأشواك قلوبنا، وصار كلنا (موجعٌ يشكو إلى موجع)، فتذكرت الشاعر إيليا أبو ماضي في قوله: (لم تخلُ من أسفٍ عليك حشاشةً أبداً فيخلو من دموع محجر).
×××
شهقت الريح على نافذتي، وماجَ في فمي لهيبٌ دامٍ من الحنين، وعاندني نومي، فأخذتني مواجعي إلى حيث أمةٌ يضجّ بها الوهم ورمادٌ من التاريخ القديم، منثور على غبار الذاكرة الخرساء.
×××
جراحاتنا تلد دروبنا، دروبنا تضمّد جراحاتنا، ولقد وعيت بأن لنا إخوة أورقوا شهداء، فخضّروا لنا موطناً أزهر حقولاً من الآمال بأن فجراً جديداً سيولد من عتمة السنوات التسع مما اشتد حندسها، وسينعم الباقون بمرأى الضوء القادم، من خلف تخوم القتل والذبح والتهجير.
×××
أشعر أن زماني يتكسر من حولي شظايا، وما عدت أعرف كيف يختلط ما أراه بما لا أراه، فالنجوم بدأت ذوبانها في فنجان سهري وثمة موسيقا تتهاوى من وجع الخراب الذي أحدثوه، ورأيتني أرتجّ كارتجاج غصنٍ في مهبّ العاصفة.
×××
يا وطني… يا وطن الشهداء، قلبي ساقية خضراء تنبض باللهفة والحنين،
فدعني ألتقيك في عناق أو قصيدة، دعني أتمثل قول ( إيليا أبو ماضي): عبرت إليك الحلم خطوةً إثر خطوة وسقت الأماني غيمةً تتدحرج.
سيف الدين راعي