الوحدة : 13-5-2020
تُسرع مجموعة من العوامل الأكثر انتشاراً والأشد خطراً شبح الشيخوخة لدى المتقاعدين و لعل أهمها:
– النهوض في ساعة متأخرة
– الخمول وانعدام النشاط
– عادة تناول الحلويات طوال اليوم
فأياً يكن عمر المرء فالجسم بحاجة دائمة وملحة إلى تجديد خلاياه المُكَونة، ولأن الجسم عبارة عن آلة متقنة الصنع من الخالق، فهو يتطلب رعاية ذات نوعية عالية، فضلاً عن ذلك فإنه مع التقدم في السن يجعل الكبار في العمر أكثر عرضة وقابلية للإصابة بوعكات صحية وأمراض مزمنة، ولعل منها جفاف الجسم الشائع لدى المسنين، وهو خطر جداً في كل حالاته.
لا يجدر التكاسل وإهمال الجسم بحجة التحرر من القيود الفكرية المتراكمة، أي هموم العمل، وضرورة الالتزام بدوام مقيد، ولعل التخلص من ضرورة النهوض باكراً والالتزام بدوام ثابت ومحدد يُشعر المتقاعد بالحرية المطلقة، وهنا يقع الخطأ الرئيسي..
فإذا كان الفكر شعر بالتحرر من الضغوطات التي غالباً ما تغدو مزعجة في نهاية مدة الخدمة، فإن الجسم الذي غالباً ما يُنسَى أنه مجرد آلة عمل و إنتاج لا يُدرك المفهوم الفلسفي لهذا التغيير، ولذا يجب الاستمرار بتغذيته بشكل صحي وسليم، ولا يُظن بأن التحرر الفكري الذي تم التوصل إليه بجهد جهيد يمكن أن يترافق مع تحرر جسدي وغذائي بشكل خاص.
انطلاقاً من مفهوم فن العيش الجديد، فالتقاعد لا يعني منح الجسم عطلة دائمة، وإنما يتمحور في إعادة تنظيم طريقة العيش وقضاء العمر دونما الإخلال باستقرار وتنظيم الأيام، فمن خلال حُسن إدارة الوقت والانشغال طوال اليوم يُمكن للمرء أن يمنح نفسه خلال السنة فترات من الراحة التامة، فإذا ما حافظ على نشاطه تجنب مشاكل التقاعد، وأهمها تفادي أمراض زيادة الوزن بُغية تفادي الوصول إلى هذه النتيجة المؤسفة، و يكفي الفهم بأنه في مقابل الجهود النفسية والجسدية التي يتم بذلها فهنالك استهلاك للطاقة تتحكم به عمليات غذائية معينة، ما يعني أنه في حال كان الجسم أو الفكر مستريحاً فإن على تلك العمليات أن تتباطأ أيضاً.
للمحافظة على الجسم السليم يجب تطبيق القاعدة البسيطة التالية: (الأكل بقدر العمل) وإن لم يكن لدى الإنسان ما يفعله فليدع معدته بسلام، وتُعد البيولوجيا الغذائية آلية رائعة يُقضى على توازنها بتناول أطعمة لا تتناسب مع الأوقات التي تُأكل فيها، وعدم التوازن هذا سيترافق مع نحافة زائدة إذا لم يُأكل ما يكفي، ومع زيادة في الوزن والحجم إذا أُكل أكثر مما يجب، ولتفادي هذه المشاكل فلا شيء أكثر أماناً من المباشرة باتباع التغذية الطبيعية بحسب نظرية الطعام المناسب في الوقت المناسب، فهي ستسمح بإعادة التوازن إلى الجسم، والإفادة على المدى الطويل في التمييز بين ما يمكن تناوله وما يجب تجنبه أو الامتناع عنه من أجل تصحيح الأخطاء وتعديل أي إفراط، ومن المهم القول بأن تناول الطعام بكل ما لذّ وطاب يقتضي تعلم التسلسل المنطقي للوجبات وفوائد أنواع أطباقها فضلاً عن كيفية الإصغاء لنداءات الجسم بالجوع أو الشبع.
تُصبح الطريقة الغذائية أحياناً تعبيراً عن الحاجة لإثبات الذات والتفرد أو على العكس والنقيض من ذلك كالحاجة للانفراد والعزلة من خلال اعتماد طرق غذائية ثابتة ومألوفة خوفاً من كل جديد، ولعل المواقف المتصلبة أو العادات شبه الطقسية التي تُفرض على النفس البشرية تُعبر بطريقة نادراً ما تكون لا واعية كما يُراد للآخرين أن يظنوا عن رغبة في الابتعاد عن السلوك الغذائي القياسي الطبيعي، ولا دخل هنا للمهنة أو المستوى الفكري أو الثقافي في شيء، ومن الواضح بأن الغالبية تحت رحمة مخاوفهم ومتشبثون بآمالهم ولكن ظن المرء بأنه يحتمي من قلقه وتردده بهذه الانحرافات الغذائية فهو على خطأ تام لأن المؤاساة العابرة التي يؤمنها الطعام ستليها هموم ومشاعر ندم تولدها زيادة الوزن المرتبطة بهذا النهم العلاجي.
د. بشار عيسى