الوحدة : 10-5-2020
على جسر الفجيعة مددت وقتي، احلولكت الدرب من أسىً بها، وطوّقتها غشاوة ذعرٍ، أسرابٌ من الغربان ترسل نعيقها، والمدى أعمق من شطآن الغربة، وتكاد تأخذني المواجع إلى حافة الهذيان. فغادرت نهاري حتى دون أن ألقي تحية الضياء.
وإمّا أخذني أسفٌ لذلك تذكرت (طاغور) شاعر الهند الكبير في قوله: الصبح لا يُلقي بالاً لنداء الريح، ورأيت فيما قاله شيئاً من العزاء.
×××
رحلت بأوجاعي إلى البحر، غازلتني موجةُ هاربةً فشبّ في جسدي ضلعٌ عاشقٌ وخيّل إليّ أنني أعوم سابحاً كأغنيةٍ من راعٍ يستنهض خرافه صوب زرقة التلال، ورأيتني أخلع روحي من دخانها، وأتدحرج كغيمةٍ ودّت مغادرة ضحاها.
×××
أسرجت حصان الذكريات، استحضرت صورتها التي غابت زمناً، تنشّقت عبير أصابعها، وطوّقت خصراً كهدب العين، وحينما فرّت من بين أناملي ابتدأت النواح.
×××
ألبستني الريح قلقها، وأقبل عليّ ليلٌ عليل الخطا، يكتبني دجاه فحمةً يابسةً، ويلبسني البرق معطفاً، فعانقتني – على خوفها- الأمنيات.
×××
ضحك الحلم هازئاً وتساءل: أنّى لغيمة صيف أن توقظ اليباب من سباته؟ وكيف غار السنا؟
×××
كعينيْ وروارٍ مهاجر كانت عيناي يضجّ بهدبيها دمع حرون، جاهدت لأحبسه فتساقط كأغنيةٍ تولول في المنحنيات، فيما كان صوتي مبحوحاً وكأنه النعي… رحتُ أنزف حسراتي، وقرّرت مغادرة وجهي والعبور إلى حيث تسلمني لموجعها الذكريات.
×××
عدتُ إلى هدأتي، رغبت ببعض الموسيقا. فالموسيقا تحرر الكلمات من ثقلها، وتحوّلها إلى أجنحةٍ، وخيّل إليّ أنه نبت لي جناحان ورحت أرفرف في المدى.
سيف الدين راعي