الوحدة : 8-5-2020
أفتش عن مدينة لا تغيب عنها الشمس، ولا تنكسر ظلالها المتعبة عند جدران الخيبة آخر الوقت ..
أفتش عن مدينة تسرّح شعرها كل صباح، تقطف نجمة وتضعها خلف أذنها، تنفتح على البحر كزهرة لوتس، تلون أرصفتها بالأزرق، ويقطر العسل من أزقتها الحالمة ومقاعدها التي تحكي ألف حكاية حب!
أفتش عني وعنك في هذه الغربة القصية، عن كأس (شاينا) الذي برد ولم نكمل القصة، عن أرواقنا التي تركض كخيول برية فوق حشائش القلب ولا تتعب، عن أسماء ووجوه كانت صديقة لكنها رحلت ذات شتاء قارس دون وداع..
مسكونة أنا بهذا الوجع الجميل الذي يترك مسافة أمان بيني وبين الأشياء دائماً، مسافة تبدو المرئيات من خلفها ضبابية لكنها بهية وحالمة..
منذ مدة لم تمطر السماء في قلوبنا، لم نتوضأ بأحزاننا التي تنبت فوق أصغر برعم ورد في حدائق أيامنا، لم نكتب رسائل الشوق والعتب لكل ما كان جميلاً في تفاصيل حياتنا الصغيرة، لم نقرأ قصصنا الطفولية ولم نمسك (أليس) من يدها كي تصطحبنا معها إلى بلاد العجائب..
المشكلة أننا فقدنا الدهشة منذ زمن واستبدلناها بمصطلح الصدمة!!
فقدنا تلك اللغة الجميلة التي تجعلنا نقرأ كتاباً حتى دون أن نفتحه، ونستمع إلى أغانينا في القلب، ونلون خرائط حنيننا من ماء العينين…
فقدنا مفاتيح سعادة قد لا تعود أبداً حتى وإن عاد الصيف وأورقت الفصول!
منى كامل الأطرش