الوحدة : 2-5-2020
في غمرة الكورونا، يأتي عيد استقلال الوطن… ذات يوم سأل الأرسوزي: (متى يكون الوطن مستقلاً، وكيف يكون الاستقلال، وهل الاستقلال جغرافيا أم هو إنسان أم فكر؟!)، وأسئلة كثيرة، لازالت إلى يومنا تبحث عن أجوبة عميقة..
هذه الأسئلة تبدو اليوم في زمن الكورونا، وزمن الحروب العبثية، والدم، والأوطان الممزقة متشابكة، وتحتاج إلى كثير من التفكير المعمّق والرؤية النقية للعلاقة بين مفهوم الوطن والإنسان فيه.
أحياناً، لا يحتاج فهم هذه العلاقة إلى كثير من الأسئلة، جاذبية الحديث عن الوطن ظلت عفوية، وتكون أحياناً في أغنية أو في حكاية، هذا الرأي بسيط جداً، بساطة علاقتنا الطيبة البسيطة مع الوطن قبل أن يسيطر الذهب والفضة على عقولنا، نحن اليوم نبحث في مفهوم الوطن ليس على هدي أسئلة الأرسوزي الكبيرة والعميقة وإنما على هدي (الثروة) التي ترفع المرء في مجتمعات اليوم أو تنزله إلى الحضيض.
بعد الاستقلال، نشأت أحزاب تقوم على مفهوم الوطن الكبير، وبعضها قام على مفهوم الصراع الطبقي، وأن الفقراء في الوطن هم الوطن، وهم أصحاب المصلحة الحقيقية في وطن قوي وسليم ومعافى من الظلم والقهر والعبودية والاستغلال وشهوات المال..
في كل صباح ، منذ الاستقلال وإلى الآن يصدح النشيد الوطني، ويعلو هذا الشعار الكبير والواسع وسع الوطن الكبير ( أمة عربية واحدة)، وكلما كان يعزف النشيد الوطني، على الجميع أن يقفوا…
المشهد كان جميلاً ومهيباً كطقوس مقدسة ومهيبة.. يوم علّمنا معلم صفنا نشيد بلاد العرب أوطاني، اعتقدت أن الوطن ملكي، وأن بإمكاني أن أركض فيه من شماله إلى جنوبه وليس لأحد الحق في أن يقف في وجهي ويقول لي (توقف هنا خط أحمر، و خط مزروع بالألغام، وثمة علم آخر، وأن عليّ أن أقدّم جواز سفر للعبور).
في زمن الكورونا، ضاق مفهوم الوطن لدى كثيرين، وجاء فلاسفة وأدباء ورجال فكر ليطرحوا العلاقة بين الوطن والمال، وبين الوطن والغرب الغريب والشرق الصديق وبين الوطن والدين، ووقفت أسئلة الأرسوزي على قارعة الوطن تبحث عن جدار تتكئ عليه.
في هذا الصباح، راح صوت فيروز وهي تغني (شآم) ينسرب عميقاً وشجياً إلى روحي.
سليم عبود