بين الشط والجبل …غزل البنات

الاثنين 27 -4-2020

 

نسيت…

أن أجدل ضفائر هذا الضجر

أرسم منه عريشة عنب

وشجرة توت عتيقة

وقبرات تهدي صوتها للريح

نسيت..

أن أعلق الشمس في خزانتي الصغيرة

قبل أن تركض وراء أطفال الحي

يتبادلون البالونات الملونة..

وغزل البنات..

ويتركونني أرتل أناشيد الغياب

وأبكي فوق دفاتر التعب..

كانت جدتي تقول:

(كذباً يصلح ولا صدقاً يفسد)

كانت تردد هذا القول القديم

دون أن تتقيد بقواعد اللغة ..

ولا حركة الرفع والنصب..

وهي تغزل وشاح صوف

في ليالي البرد

هل نكذب يا جدتي حين نقول أننا بخير؟!

وأن وجوهنا لازالت تحتفظ بمائها

ومراكبها العاشقة، وتضاريسها وشوارع أحلامها..

هل نكذب ونقول أننا لانزال نمارس طقوس الشعر والحنين

ونتجاهل نشرة الأسعار اليومية

بأرقامها المتضاربة..

وأننا لا نترقب رسالة (تكامل) بشغف وكأنها رسالة حب لمراهق جميل..

هل نكذب إن قلنا إنه لا يعنينا أن يكون رغيفنا الصغير مقدماً على بطاقة من حب..

أم بطاقة ذكية ..

هل نفسد في الأرض يا جدتي إن اعترفنا..

أن قلوبنا يعلوها الصدأ

وأن كتاباتنا أصبحت مجرد كلام لا أكثر..

وأن أحلامنا تشبه (دون كيشوت) في محاربة طواحين الهواء

هل نفسد في الأرض إن قلنا أننا غرباء..

حتى عن أنفسنا..

ونوافذ منازلنا

ونبرة صوتنا

حين لا نحب ..

وحين تغدو أحاديثنا مجرد ثرثرات لا أكثر

وتصبح أمنياتنا رهينة خطوط فناجين القهوة..

نسيت يا جدتي..

أن أغفو فوق كتفك قبل رحيل بعيد..

ألملم بقايا كستناء عالقة في الذاكرة

وأبقى طفلة مشاكسة

أنتظر رغيف تنور

ينضج على جمر المحبة

قبل جمر الحطب.

منى كامل الأطرش

تصفح المزيد..
آخر الأخبار