الوحدة : 27-4-2020
الفن هو صورة عن المجتمع الذي يُبدع فناً راقياً والمجتمع الذي يقدّم فناً رديئاً, ويساعد الفن في عملية التطور والارتقاء والسموّ وتنمية الذائقة الجمالية، وقد لا تكون الفنون على مستوى واحد في المجتمع وإن الفن الذي يصور القضايا في المجتمع بطريقة سيئة هابطة يسيء إلى هذه القضايا ويسيء إلى الفن.
أذكر حادثة جرت معي حين شاركتُ في المؤتمر العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب في الشمال العربي في أفريقيا في عام 2009 وقلتُ لرئيس الرابطة الأدبية إن إحدى القصائد رديئة ومستواها الفني هابط، فقال لي أمام مجموعة من أعضاء المؤتمر: المهم أنها أعجبت الرئيس لأنها تتضمن ثناء, وقال لي عضو في أحد الوفود المشاركة: لماذا هذا الرأي النقدي مادام الموجّهة إليه راضياً عنها.
وعبرت عن رأيي لأن الفن الرديء يسيء إلى القضية السامية وإلى الأدب والأديب، لأن الإسفاف الفني هو انحطاط وتشويه وتخريب للحّس الجمالي.
وهناك تساؤل عن الأغاني في هذه المرحلة هل هي في مستوى صمود شعبنا وتضحيات جيشنا وشهدائنا أكرم من في الدنيا وأنبل بني البشر، وهناك أغنيات وطنية منذ جلاء الاستعمار عبّرت عن نضال شعبنا في سبيل الحرية والكرامة والتقدم والعدالة والازدهار، وقد أحب الناس تلك الأغنيات والأناشيد ورددوها بإعجاب وتقدير بالغين، وهي قصائد جميلة مغناة مثل: في سبيل المجد، وبلاد العرب أوطاني، وقد أثار عددٌ من المتذوقين والأدباء والفنانين مسألة هبوط الفن, وقد أكد النقد أن الأعمال الأدبية التي صورت أحداث حرب تشرين التحريرية لم تكن بمستوى بطولات جيشنا وعظمة شعبنا.
ونحن الآن وقد واجْهنا التآمر الدولي وجرائم التكفير بين الإرهابيين خلال سنوات عصيبة قاسية، هل وجدنا أعمالاً أدبيةً أو فنيةً توازي بطولات شعبنا وجيشنا الباسل؟
وقد قرأت رأياً عنوانه (وداعاً للغناء الأصيل) للأديب الباحث الدكتور إحسان الغص جاء فيه: دأبت القنوات الفضائية المتخصصة بالغناء والموسيقا على بث أغان جلها من الغناء الأجنبي وأقلها من العربي وأكثرها يخدشُ الآذان ويأتون مع الأغاني بنساء يقمن بحركاتٍ هستيرية، ولا يملك معظم الأغنيات ذرة من مقومات الإطراب ولا يدري المستمع الذّواق كيف يدعو هذا الذي يقحمونه في أذنه, أهو غناء أم عواء.
ومع الأغاني الهابطة يستعينون بنساء يتراقصن بثياب مثيرة ويهززن أردافهنّ ويرى بعضهم أن معارض الفن التشكيلي تحتوي لوحات تملؤها خطوط وألوان مبعثرة كيفما اتفق، وهناك آداب وفنونٌ راقية رائعة الجمال لا تزال قيمتها خالدة على مدى السنين.
عزيز نصّار