الشجرة التي غرستها أمّي

الوحدة : 20-4-2020

بديع حقي يحمل شهادة دكتوراه في الحقوق الدولية نشر قصصه وترجماته في المجلات والصحف السورية واللبنانية، عمل في السلك الدبلوماسي السوري من عام 1945 وحتى عام 1986 ورحل عن عالمنا سنة 2000، له مؤّلفات كثيرة, كما ترجم أعمالاً أدبية عالمية من كتبه: سحر شعر، التراب الحزين قصص، جفون تسحق الصور رواية، أحلام الرصيف المجروح رواية، قمم في الأدب العالمي دراسة، حين تتمزّق الظلال قصص، همسات العكازة المسكينة.

وله مؤلفات أخرى وترجمات عديدة والسيرة الذاتية لبديع حقّي أعاد نشرها اتحاد الكتاب العرب وكتب بديع حقي مقدمة لها وعنوان هذه السيرة المؤثرة البديعة (الشجرة التي غرستها أمي) جاء في مقدّمة المؤلّف: أماّه.. ها أنذا قد تخطيتُ الستين من عمري, ومازال يخامر نفسي شعور بأنني أظلّ ذلك الطفل الصغير الذي كان يستطيب الغفوة المريحة على ركبتيك وأنت قاعدة على السجادة لتغمريه به بالقبل وتمدي أناملك لتتغلغل بين خصلات شعري الأشعث جداول محبة وحنان.

وكتاب (الشجرة التي غرستها أمي) هو رواية وسيرة ذاتية للمؤلف بديع حقي وهو يقول (هذا أحب مؤلفاتي إلى نفسي وأقربها إلى حنايا قلبي ومنازعه لأنه منوط موصول بذكرى أمي رحمها الله مستجلياً ملامحها مصوراً طبعها).

ورواية بديع حقي الذاتية تتمتع بلغة رائعة متميزة وتتحدث عن الآثار النفسية والاجتماعية بسبب التغييرات العميقة التي تصيب النسيج العمراني, والإنساني في المدن نتيجة مشاريع عمرانية فيجري هدم بيوت وأحياء فتتغير البيئة القديمة الشعبية وتسيطر علاقات وعادات اجتماعية جديدة, ويصور المؤلف العلاقة الحميمة بينه وبين أمه والصلة بين الإنسان والأشجار ويصور حياة أسرته الدمشقية وجمالية وجود الشجرة في فناء البيت القديم, كما يتحدث المؤلف في سيرته الروائية الذاتية عن أحداث سياسية وشخصيات بارزة ثقافياً واجتماعياً ويرسم المؤلف الحزن البالغ الذي عصف به عندما أزال شارع معروف في المدينة ذلك البيت الدمشقي الجميل في حي سوق ساروجة الذي عاش فيه بديع حقي أحلى السنوات.

لقد وصف المؤلف الألم الغامر الذي عصف به حين تقوض البيت القديم واقتلعت الآلة المعدنية الشجرة التي غرستها أمه ويختم الكاتب روايته الذاتية بتصوير شجرة النارنج التي تجثم أمام المدحلة كأنها وحش معدني يهم أن يفترسها, ويغمغم بديع حقي- رحماك أيها الوحش ورفقاً بالشجرة فإن جذورها ما تزال موصولة بقلبي, ولقد رأى ابني دمعة تنساب على وجنتي وتنتهي السيرة الذاتية بعبارة مؤثرة (وغلبني الدمع) وداعاً يا أختي الكبيرة يا شجرة النارنج.

عزيز نصار

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار