الوحدة : 13-4-2020
ساحلنا السوري متنوع في تضاريسه نجد فيه البحر والجبال والوديان والغابات والآثار الرائعة.
ويقصد الزائرون الأماكن السياحية والأثرية، وتستهويهم أوغاريت فيعودون إلى الزمن القديم والحضارة العظيمة.
في هذه البقعة الساحرة التي تفوح فيها أنفاس التاريخ, وحيث صنع الإنسان أعمالاً أعجبت العالم كله وأثارت دهشته، أوغاريت، تل رأس الشمرة الأثري، تقع على بعد أربعة كيلومترات شمالي اللاذقية حسب الحدود الإدارية الجديدة لمدينة اللاذقية، يأتي الزائرون إلى أوغاريت فتضمهم إلى أحضانها وتفتح صدرها لهم.
كان اكتشافها مصادفة وبدأت أعمال التنقيب في التاسع من أيار عام 1929 بإشراف بعثة فرنسية، أظهر التحرّي الأثري أن تل رأس الشمرة يتألف من أنقاض المدن التي تتابعت في المكان وأقدم تجمّع سكني يعود إلى الألف السابعة قبل الميلاد.
تضم الطبقة العليا من التلّ أنقاض مدينة أوغاريت وقد أظهرت الحفريات وثائق مكتوبة من القرنين الرابع والثالث عشر قبل الميلاد, ويرى الباحثون أنه من الأفضل إطلاق اسم الكنعانيين على سكان الساحل القدماء لأن تسمية الفينيقيين أطلقها عليهم اليونانيون.
عثرت البعثة الأثرية على ألواح طينية مكتوبة, واللغة الأوغاريتية لهجة سامية قريبة جداً من اللغة العربية التي تشترك معها بأكثر من ألف كلمة، وكانت علاقات مملكة أوغاريت متينة مع المملكة الحيثية, ومع قبرص ومصر، وتحوي ملاحم أوغاريت نصوصاً جميلة وحكايات رائعة ممتعة.
وإذا لمسنا حجراً في أوغاريت نحس بعطر التاريخ يفوح، وتعلو أناشيد بحّارة أوغاريت الذين انتشروا في البحار، يشاهد الزائرون القصور والقبور وقنوات المياه وأحواضها، ولا يرون أهم شيء وهو الرّقيم أو اللوح الطيني المشوي الذي كتبت فيه أول أبجدية.
إنه في متحف دمشق, ومازالت أوغاريت تخبئ أسرارها والفرق بين لغة أوغاريت واللغات الأخرى في ذلك الزمن هو أن لغة أوغاريت أقدم لغة معروفة ترمز كل إشارة إلى الحرف الصامت مستقّلاً عن الصوت كالأبجديات الحديثة.
كشفت بعثات التنقيب عن قطع فنية وهي مصنوعة من ذهب وفضة وعاج وبرونز وفخار، وهناك قنوات مياه تسيل يغتسل منها السكان قبل أن يعرف العالم النظافة والاغتسال بمئات السنين ويفهم الزائرون أن بلادنا ملتقى الحضارات التي عرفتها البشرية وأوغاريت هي لؤلؤة المدن على صدر الساحل.
عزيز نصّار