الوحدة : 12-4-2020
اليوم، لم يعد باستطاعتي الذهاب إلى الشاطئ لرؤية البحر، وتناول القهوة مع الأصدقاء، والحديث معهم عن الحرب والغلاء وفي السياسة، بالمناسبة، كل الذين كنا نراهم على الفضائيات في الماضي يتحدثون كباحثين استراتيجيين عن الحرب والصراعات الدولية، تحولوا في زمن الكورونا إلى أطباء ناصحين عن مخاطر الكورونا وسيل الوقاية منه.
يقول لي صديقي حاتم: يا رجل لهؤلاء في كل عرس قرص!
قلت له: لا أريد التحدث عن هؤلاء، وإن كان مشهد ظهورهم على الفضائيات وهم يتحدثون عن الكورونا، يدفعني إلى الغضب.
في صباح السابع من نيسان لم أتحدث عن ميلاد حزب البعث، ولم أتبادل التهنئة مع الذين أعرف أن مازالت لهم علاقة بالمناسبة، وحده الصديق مفيد أبو حمدان اتصل من السويداء، وهنأني بالمناسبة.
وفي مدينتنا لم تقم الجهات الحزبية احتفالات خطابية بهذه المناسبة الهامة جداً في رأيي، فالبعث هو اليوم ضرورة نضالية أكثر من أي وقت مضى لأن الصراع يأخذ في هذا الزمن منحنيات عديدة وأهمها هو الصراع بين العروبة وأعدائها، وبين الفكر السلفي القاتم وبين الفكر العلماني المتطور الذي يعمل على بناء المجتمع وفق رؤى اجتماعية وأخلاقية ونضالية واقتصادية تجعل من المجتمع قوة متماسكة في مواجهة التحديات التي تستهدف الأمة والوطن والمجتمع.
بعض الأصدقاء يشكون لي وجع المكوث الطويل في المنزل، ارتفع صوتي في وجه أحدهم: (ألا تريد أن تتوقف عن النق والسوداوية، افعل شيئاً، ازرع البقدونس والنعناع، ازرع وروداً في شرفة منزلك، اقرأ رواية، أو كتاباً في السياسة أو الأدب أو في الحب، مارس الرياضة، اجعل لحياتك طعماُ).
في العالم العربي تموت بهجة الحياة في أرواح الناس عندما يجف نهر الشهوة للجنس، والمال.
في زمن الحرب، مع بداية الحظر الذاتي بسبب الكورونا، استيقظ بي عشق قديم للرسم، فأحضرت ألواناً زيتية، ومائية ومجموعة وبدأت بالرسم، في كل يوم أجد نفسي أتقدم في ممارسة فنون هذا العشق القديم، وأجد متعة التجول في لوحاتي، وأقيم معسكراً بين زهورها وأشجارها وعلى ضفاف أنهارها وشواطئ بحارها، بعيداً عن قلق كورونا وعن الفضائيات التي يتحدث فيها الاستراتيجيون في السياسة عن حرب الكورونا.
سليم عبود