سورية الحضارية العريقة

الوحدة:6-4-2020

أرض سورية متحف يضم حضارات راقية تألقت وأبدعت, وأعطت الإنسانية فكراً وفناً وأضاءت العالم، سورية لها السبق في ما قدّمت للبشرية في المجالات المتنوعة كافة.

وكنتُ أتابع التنقيبات الأثرية منذ أعوام مديدة، ويستهويني أن أرض بلادي تحوي النفائس وتنطق بالأمجاد التي شهدتها سورية العظيمة، وكانت هذه المتابعة تبعثُ المتعة وتهب لي إطلالة عجيبةً على جذور الحضارة الساحرة، وكم قدّمتُ من حقائق عن آثار بلادي وخاصة في المنطقة الساحلية وهذه لمحة عن عراقة بلادنا وتفوقها الباهر.

تتنافس الألواح الطينية المشوية بما تحتضن من قصائد فعلى الساحل السوري وفي الألف الثاني قبل الميلاد كانت الآلهة أشخاص القصائد الشعرية الأسطورية وها هو دانييل يرفع صوته لاستنزال المطر ناظماً قصيدته الأقدم، فليهطل في فصل الجفاف وليسقِ الندى عناقيد الصيف، الموسيقيات لوحة فسيفسائية كاملة ونادرة في مريمين (غرب حمص) تقدم هذه الزخارف البلاطية مثالاً نادراً عن وجود عنصر الرقص والعزف على آلات مختلفة منها أرغن ونايان وقيثارة وآلات للنقر وبلغ عدد أفراد الفرقة الموسيقية في المشهد ثمانية منها ستُّ سيدات وطفلان يدل شكلهما على أسلوب قديم يرمز إلى الملائكة. ويبّين المشهد أن مجموعة العازفات كانت تدار من قبل رئيسة الفرقة وتشاهد المغنية والراقصة .

×××

يزهو المتحف الوطني بتمثال أسبازيا المرمري الذي اكتشف في قلعة حماة وهو رابع نسخة من الفن الفيدياسي حيث النسخة الأولى في متحف برلين والثانية في نيويورك والثالثة في البندقية والرابعة في متحف دمشق يعد تمثال أسبازيا من أكثر تماثيل النساء إثارة للإعجاب كما يعد تحفة الفن الكلاسيكي، وأسبازيا غانية جميلة ذات شخصية قويةٍ وثقافةٍ واسعة وهي تقف مرتدية معطفاً واسعاً يغطي رأسها من الخلف ويلف جسدها.

×××

دمشق أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ وكانت مسكونة باستمرار ولا تزال دمشق تلك المدينة الضاربة جذورها في القدم ترتبط ارتباطاً وثيقاً بنهر بردى وبغوطتها، كانت منطلقاً وملتقى لطرق القوافل على مدى عصور التاريخ, وفي العصر الآرامي كان اسم آرام وحده يعني دمشق كما ورد اسم دمشق في النصوص الآشورية باسم (ايميري شو) إنها دمشق أقدم عاصمة مأهولة في التاريخ وهذا فخرٌ لنا وهذا يعني العراقة والمجد الأصيل عبر الأزمنة.

ظهرت أول مؤشرات الوجود البشري في سورية مع اكتشاف أدوات صوّانية منحوتة في بعض المواقع ويبدو أن أول إنسان وطئ أرض سورية منذ مليون سنة وفي عام 1996 اكتشفت البعثة الأثرية السورية السويسرية في موقع الندوبة بتدمر جمجمة أظهر مختص العظم أنه أقدم البقايا البشرية التي اكتشفت في الشرق الأدنى.

عزيز نصّار

تصفح المزيد..
آخر الأخبار