الوحدة 29-3-2020
نعم نخاف، نقول ذلك صراحة، ليس لأننا جبناء، فالجبناء لا يعرفون الخوف بمفهومه الإيجابي وإنما يصير الخوف عندهم فوبيا، وهي الحالة التي يتحول فيها الخوف إلى حالة مرضية، نجن نخاف، لأن الخوف في بعده المنطقي والعقلاني حالة من الوعي التي تستفز على صعيد الفرد وعلى صعيد الشعوب، للتفكير في مواجهة الخوف والانتصار عليه، وهذا الانتصار لا يشكله الانهزام، وإنما يشكله الوعي والفعل الواعي.. والشعوب الواعية هي التي يستفزها الخوف الواعي إلى وضع الأسس العملية والعلمية لصناعة مشروع المواجهة.
نحن اليوم في سورية نواجه الكورونا، وهو حالة استثنائية خطيرة تواجه العالم بل تجتاحه وتهدده بوجوده، أحد العلماء قال (إن افتقدنا الوعي والإرادة في مواجهة هذا الوباء فالعالم معرّض لمواجهة النهاية)، ولأننا نواجه قبل الكورونا الخطر الصهيوني، وهو خطر وجودي يستهدف إبادة أمة، واجهنا الخوف بالوعي لهذا الخطر، فكان بناء مشروع مقاوم، لمواجهة هذا الخطر، أما في بلدان عربية، وبتعبير أدق بعض الأنظمة العربية، تحول عندها الخوف إلى حالة استسلام وحالة هزيمة معنوية ونفسية، وبالتالي إلى نوع من الرعب الذي دفع بهذه الأنظمة إلى الاستسلام الكامل لهذا الخطر.
فالخوف لدى الشعوب الواعية حالة استفزاز، وهذا الاستفزاز هو الذي يشكل مشروع المواجهة، لن نعود إلى الحديث عن الخوف، لأن الكلمة بمفهومها السلبي كلمة مخيفة.
نستبدل كلمة خوف بكلمة وعي لحال الخوف، وهذا الوعي لحالة الخوف هو الذي يتحول إلى فعل قاوم ومشروع نعمل على بنائه وتطويره، وليس لمواجهة الخوف وحسب، وإنما يصير فعل المواجهة في دمنا وفي وجودنا، وهكذا نصير كشعب وكأفراد إلى شعب مقاوم وإلى أفراد مقاومين، كما هو الحال في صراعنا مع الإرهاب الذي يدخل اليوم عامه العاشر، وفي تلك السنوات التي تحوّل فيها الخوف من انتصار الإرهاب، إلى أفعال بطولية ونضالية حققها الجيش والشعب والقيادة،
وهذه الأفعال هي التي حققت صمودنا وانتصارنا ووجودنا.
على السوريين اليوم كما واجهوا الإرهاب بالوعي والإرادة والقوة والعزيمة سيواجهون هذا الوباء، وسينتصرون عليه.
سليم عبود