بين أنْ تعرف نفسك وأنْ تحبّها

الوحدة : 27-3-2020

تبقى المعرفة هوس العقل الإنسانيّ الكائن, وهنا علينا أنْ نفكّر وأنْ نطرح الأسئلة على أنفسنا قبل الآخرين, كيف السّبيل إلى أنْ نعرف؟ ولا بدّ للعاقل أنْ يَعيَ الحقيقة القائمة على لبّ الفكرة وجوهرها حيث لا مكان للنّجاح في التّفكير والعمل إلاّ انطلاقاً من الشّغف الذي هو أساس المعرفة وهذا إنّما يكون من خلال شغف أنْ تعرف, كما ثمّة أمر آخر وهو من الأهميّة بمكان ألا وهو كيف لك أنْ تكون ومتى تكون؟

وانطلاقاً من الرّبط المنطقيّ بين الأمرين بين شغف المعرفة وشغف الكينونة لابدّ أنْ نركّز على سؤالٍ جدّاً مهمّ ألا وهو (مَنْ أكون؟) وفي جوهريّة السّؤال تكمن الكينونة التي تأخذ الإنسان إلى البحث والانجراف في الوجود هذا الوجود الذي يجعل المرء يُدرك نفسه ويشعر بذاته وبذا يكون المرء قد وضع الّلبنة الأساس في البناء الصّحيح وَسَلكَ الخطوة الأولى في الدّرب واستطاع أنْ يكون هو ذاته بذاته لا غيره بغيره, وهنا لا بدّ من التّركيز على أنْ لا سبيل للمعرفة أفضل من أنْ يكون المرء ذاته وأنْ يعيها.

نعم إنّ الطّريقة الصّحيحة لمعرفة الحبّ الحقيقيّ هي أنْ يكون المرء عاشقاً فليس من العقلانيّة ولا العاطفيّة ومن غير المعقول أنْ نعيش الأشياء بالأقوال والتّنظيرات بل علينا أنْ نعيش الشّيء بالفعل, بالابتعاد عن المراقبة من بعيد, وهنا تكمن حقيقة أخرى ألا وهي عدم الشّخصنة للأشياء وبذا يكون المرء قد استطاع أنْ يكون موضوعيّاً بعيداً عن العواطف التي تتدخّل في كلّ شيء وأيّ شيء, وبذا يمكن القول: إنّ الإنسان غير الانفعالي ولا العاطفي إنّما إنسان يبحث عن المعرفة عبر الأدوات الحقيقيّة الصّحيحة.

وبالمجمل يمكن القول: إنّ ما بداخل كلّ إنسان إنّما هو الحقيقة الكاملة له والمترجم الفعلي والسّلوكي له, وإذا ما نظرنا إلى تلك العبارة الإغريقيّة القديمة القائلة (اعرفْ نفسَك) فإنّنا نُدرك مدى قيمة هذه المقولة إذ علينا أنْ نفرّق بين أمرين أساسيين يتعلّقان بالنّفس الإنسانيّة وحيث علينا أنْ نفكّر التّفكير المنطقيّ القائم على ضرورة التفريق والفصل بين أنْ تعرف نفسك وأنْ تحبّها.

نعيم علي ميّا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار