العـــــدد 9555
الإثنــــــين 23 آذار 2020
جاء آذار، قبل الحرب كان السوريون يسمونه (شهر الأعياد)، في آذار عيد الثورة، وعيد المرأة العالمي، وعيد المعلم، وعيد الأم.
تمر اليوم تلك الأعياد كلمى حزينة، تتأوه الذاكرة فيها على دروب الزمن، البارحة، كانت قناديل الفرح والحب تتوهج، وفجأة جاءت الحرب في آذار، لتطفئ تلك الحرب قناديل الفرح..
نحن اليوم في مطلع السنة العاشرة من الحرب، والحرب لم تنته، والدم لم يجف، رأيت أبا خالد النازح من قريته في ريف معرة النعمان يبكي بعد أن عاد من قريته ورأى مئات أشجار الزيتون والفستق الحلبي التي كان يملكها مقطوعة من قبل الإرهابيين قبل أن يدخلها الجيش العربي السوري.
يوم قرأت في (كتابي المدرسي) آذار هو الشهر الوحيد الذي تبدو فيه عبقرية الطبيعة هائلة ومدهشة، لم أكن أعرف مواقيت الفصول، ولا أعرف أسماءها، لكنني كنت أعرف أن آذار جاء.
أمي قالت لي (عندما تزهر المروج المحيطة بـ – قريطو- يكون آذار قد أعلن مجيئه)
وعرفت بعد ذلك أن آذار قد جاء وشجرة المشمش تتحول إلى خيمة من الزهور البيضاء الموشاة بلون ليلكي رائع، وعندما كبرت، قال لنا مدير المدرسة (في آذار قامت الثورة)، واستمعت إلى مكبّر الصوت في ساحة المدينة يبث أغاني تمجّد الفلاحين والعمال والفقراء، يومذاك رأيت الفرح في قريتنا الصغيرة (قريطو) يتوهج في عيون أبي وأعمامي، قال أبي (انتهى زمن الاقطاع والعبودية والظلم) وزغردت أمي.
عندما كبرت، عرفت لماذا كان أهل قريتنا فرحين بقيام الثورة، واليوم أعرف أن كل هذه الحرب اللعينة على سورية، لأن سورية ظلت متمسكة بثوابت آذار النضالية والعروبية، وعرفت أن الحرب كانت على دمشق، لأن دمشق كانت خندق العروبة،
وهي اليوم خندق العروبة الأخير الذي لم يسقط، ولن يسقط.
سليم عبود