تــوت العليـق… زراعة رديفة لدعم مردودة مزارعي الساحل

العدد : 9552
الثلاثاء : 17 آذار 2020

 

استكمالاً لتأسيس حقل توت العليق العضوي ذي الفائدة والمردود الاقتصادي الذي قامت به المهندسة منال بدر صالح (ماجستير في علوم البستنة) والمهندس رأفت بهلول المتخصص في الزراعة الحافظة، رئيس مركز بحوث كسب التابعين للبحوث الزراعية في اللاذقية بالتعاون مع مجموعة من المخلصين بالأرض والعمل حيث بدأ العمل بتجربة التسميد الحيوي لتوت العليق.

عن هذا المشروع حدثتنا المهندسة منال: ينتشر توت العليق البري أو ما يسمى (الديس) على جانبي الطرقات وحول البساتين بشكل طبيعي مما يدل على تأقلمه مع الظروف البيئية الساحلية، يتميز توت العليق البري بثماره الصغيرة التي يتغير لونها بالتدريج من الأخضر إلى الأحمر ثم إلى الأسود عند النضج، ومن الصعب أن يمر إنسان دون أن يلتقط بضع حبات منه نظراً لنكهتها المميزة الممزوجة بين الحلو والحامض من دون أن تشفع الأشواك رغم قساوتها لهذه الثمار، حيث اعتبره البعض عشباً ضاراً وعبئاً على المزارع يصعب التخلص منه كونه نبات زاحف يتجذر بالتربة بمجرد ملامسة أي جزء منه للتربة، إلا أن برامج تربية توت العليق بدأت بإنتاج أصناف مزروعة محسنة وراثياً وخالية من الأشواك لتلبي الطلب المتزايد عليه في الأسواق المحلية والعالمية لهذا المنتج نظراً لفائدته الطبية والغذائية والبيئية، وانطلاقاً من أهميته ارتأينا أن نجري بحثنا منذ عام في محطة بحوث كسب وذلك لدراسة كفاءة زراعته وتحديد أفضل طرق التلقيح وتجلياته على الإنتاجية كماً ونوعاً.
يعد توت العليق وتنوع أصنافه التي تتأقلم مع مناخها خاصة المناطق الرطبة الباردة كونها من مشجعات عوامل النكهة مما يجعل منه نباتاً جيداً للاستخدام في استصلاح الأراضي أو إعادة الزراعة بعد الحرائق، كما يمكن أن يزرع على أطراف الحقول لتشكل مصدر دخل إضافياً للمزارع، ولكن يفضل زراعته في تربة عميقة جيدة الصرف وذات محتوى عال من المادة العضوية (أكثر من 3%) مائلة للحموضة، لأن حوالي (90%) من النظام الجذري لهذا لنبات ينتشر بشكل سطحي على عمق (20-30 سم) من التربة.
الإكثار
يمكن إكثار هذا التوت بسهولة إذا تؤخذ العقل من الخريف وحتى شهر شباط بطول من (15-30 سم) ثم تزرع في مساكب أو مباشرة في الأرض، وأفضل موعد لزراعته هو منتصف الشتاء إلى أوائل الربيع باستخدام الترقيد القمي بحيث تغطى القصبات بالتربة في أواخر الصيف إلى أواخر الخريف ثم تقطع القمم بعد تشكل الجذور وتزرع خلال الربيع وفي حالات قليلة تتكاثر بالبذور.
فوائد توت العليق الطبية
استخدم تقليدياً منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام في معالجة الحروق والانتانات والتقرحات الجلدية ويستخدم منقوع أوراقه لعلاج الروماتيزم وآلام المفاصل المزمنة إلى جانب تأثيره الإيجابي على العينين إذا استخدم كغسول صباحي، ويعد شرابه من أفضل الطرق التي تستخدم حتى اليوم في مختلف المنازل لمعالجة التهاب اللثة وقلاع الفم وتخفيف آلامه المبرحة، كما تفيد ثماره في أمراض المري المزمن والتهابات الحلق والغرغرة كغسول للفم، ويعمل منه كوب شاي كمشروب ويمكن إضافة العسل في التحلية إضافة لغناه بمضادات الأكسدة والعناصر المعدنية الهامة لصحة الإنسان، وقد أثبت حديثاً التأثير الإيجابي لتوت العليق في: تنمية القدرات العقلية وتحسن الذاكرة لاحتوائه على الفلافونويد، كما أنها قد تقلل من انخفاض القدرة المعرفية المرتبطة بالشيخوخة، ويعمل على تحسين صحة القلب والأوعية الدموية لاحتوائه عل ثلاثة عناصر هامة وهي الفلافونويد وليوليفينول والبوتاسيوم، كما أنه يعطي الجسم فيتامين k وهو فيتامين مفيد للاسترخاء والعضلات إضافة لفائدته في شد البشرة وتقويتها، وغالباً يستخدم في وصفات الطعام المنزلية لاسيما الحلويات، وثماره تعطي خل العليق.
فيما يتعلق بالتسميد العضوي والري قال المهندس رأفت البهلول: تم التخطيط من البداية لاعتماد نظم زراعة بيئية لما لها من أهمية للمنتج والمستهلك وللتربة ذاتها وبالتالي تم الاعتماد على مخلفات المحطة خاصة بقايا تقليم التفاح ومخلفات تصنيع الخل لتحضير كمبوست، حيث تتم عملية التخصيب بإضافة هذا الكمبوست في الشتاء بمعدل 5 كغ للغرسة تضاف على قطر 40 سم، إذ تنتشر جذور نباتات توت العليق في الطبقة السطحية للتربة لذلك يجب ألا تضاف الأسمدة بشكل مباشر لأنها تحرق الأوراق وتقتل النبات، ويمكن أن تضاف الأسمدة في خطوط بين النباتات حيث يضاف السماد المتوازن في حال الحاجة وبعد تحليل التربة يستجيب النبات للري والتنقيط حيث يمنع تعفن الجذور أما الوقت الحرج للماء بالنسبة للتوت فهو عند تشكل القصبات المثمرة وأثناء تطور الثمار علماً أن قلة الماء يؤثر على حجم الثمار وعددها وقطر القصبات المثمرة، فيما يخص الأمراض والحشرات ونظراً لتأقلم النبات الجيد مع مناخ منطقة الزراعة في كسب لم تسجل أية إصابة مرضية أو حشرية تستدعي المكافحة لذلك يمكن القول إن الثمار المنتجة كانت نظيفة من هذه الناحية، وقد سجلت إصابة بالأصداء لكنها لم تصل لعتبة الضرر الاقتصادي لأنها تصادفت في نهاية الموسم، أما مشكلة الأعشاب فقد تمت السيطرة عليها عن طريق القص (الزراعة الحافظة) في فترة ما قبل الإزهار والتي ساعدت على حفظ رطوبة التربة ومد النباتات بالعناصر الغذائية.
وأخيراً قالت المهندسة منال المشرفة على تنفيذ البحث: تدخل النباتات في طور العام الثاني للزراعة ويصبح الإنتاج اقتصادياً من العام الثالث، تبدأ النباتات بالإزهار في شهر أيار وتدخل الثمار في طور النضج في شهر تموز ويتم جني الثمار السوداء يدوياً في الصباح الباكر ويراعى عدم التأخر في القطاف كي لا تنفصل الثمرة عن عنقها وتتساقط، يستمر القطاف على مدى شهر ونصف بحسب الأحوال الجوية.
التسويق
بالنسبة للتسويق والمردودية توت العليق حساس لعملية التسويق لذلك يفضل اختيار عبوات صغيرة حتى لا تتخرب الثمار الرهيفة وتبريدها بسرعة ونقلها مباشرة للسوق ويمكن أن ترسل النوعية الأقل جودة لتصنيع المربى أو العصائر أو الخل وبالتالي تزيد المردودية الاقتصادية، وتعد نتائج البحث واعدة ومشجعة على زراعة توت العليق نظرا لفوائده الكثيرة كونه مضاد أكسدة بالدرجة الأولى، ومع تزايد وعي المستهلك لأهميته بالدرجة الثانية واعتباره زراعة رديفة مولدة للدخل الجيد في المناطق الساحلية، والتي تصل مردوديته لأكثر من مليون ليرة سورية للدونم الواحد وذلك لقلة تكاليف الإنتاج بعد سنة التأسيس.

أميرة منصور

تصفح المزيد..
آخر الأخبار