العدد : 9552
الثلاثاء : 17 آذار 2020
كل مغيب، أنتظر على المطل الجنوبي رجوع عمي حسون من أرض ساقية المرة البعيدة، التي يذهب إليها منذ طلوع الفجر، ولا يعود إلا بعد المغيب، وحال يقترب مني، يدس يده في جيبه، ويخرج لي شيئاً ما، عنقوداً من حبات الديس، عصفوراً صغيراً، زيزاً أخضر، أو حبات تين ريحي، كم كنت أفرح بهداياك يا عمي حسون!.
كل عشية، نتحلق حول البدورية، صيفاً وخريفاً، وربيعاً على المصطبة، تحت ضوء القمر، أو النجوم، لتحكي لنا عن العفاريت والجن، عن السفر والموت، والآغاوات والجوع، مرة، تحكي لنا عن (سفر برلك) ومرة عن (الشتى) . . ومرة . . ومرة . .
ونسألها: ستي ما هذه (السفر برلك)؟
* السفر برلك، تعني الجوع والظلم، والقهر، والحرب…
وأحياناً تغضب من أسئلتي عندما أقاطعها: ستي، أين تقع (السفر برلك)؟
* في جهنم الحمراء، و(لك يا ستي ما بتتعب من الأسئلة)؟ دائماً تقاطعني.. ما أكبر معلاقك؟ (ما بقا تقاطعني، هاه! ولا)؟
كل جداتنا وأجدادنا عاشوا سني الـ (سفر برلك، والجندرمة، والشتى، والآغاوات) وما كانوا ينقطعون عن التندر بها، وتذكرها إلى آخر لحظة من حياتهم.
بديع صقور