بين الشط و الجبل .. زمــــن مقلــــوب

رقــم العــدد 9549
الخميـس 12 آذار 2020

هل يجوز أن نصف مطلق الرصاصة الغادرة بالإرهابي, ونستثني صاحب الكلمة المدمرة؟ الرصاصة قد تقتل شخصاً, والكلمة قد تقتل أمة وتهدم وطناً.
على قناة الجزيرة تابعت قبل أيام حواراً مغموساً بالسم, حواراً يدعو إلى القتل والإبادة ويستنهض قوى الظلام لاستجلاب الليل وتعميم السواد, في زمن يزداد فيه الاشتباك بين مشاريع متصارعة على الأمة وتاريخها وجغرافيتها وثرواتها وبعضها يبسط خرائط التقسيم ويرسم حدوداً جديدة للأوطان والبلدان.
كثيرة هي الأبواق التي انتقلت من التضليل إلى التحريض على القتل والإبادة ما يؤكد أن الأمة تكتب يومياتها بدماء أبنائها.
مشهد الأمة يزيد المواجع في وجدان الصحفيين الذين يعملون في حقل الكلمة الجسورة ويغمسون أقلامهم بآلام وأوجاع الناس والأوطان.
ولأن الصحافة صدى الواقع وصورة الحياة فليس بإمكانها العيش خارج جلباب الأرض والناس والمحيط وليس لصحفي أن ينسلخ عن محيطه ووطنه وأرضه،
لأن الصحافة هكذا يزداد في كل يوم نزيف الأسئلة حول قدرة الصحافة على توصيف جراح الأمة من محيطها الكبير إلى خليجها الأسير.
ماذا يفعل الصحفيون أمام موجة الانكسارات والإحباطات التي تلفح بريحها المسمومة كل أوجه الحياة في الأمة؟
ماذا تفعل الأقلام في زمن انقلاب المفاهيم وانتحار القيم والعقائد وسقوط النظريات وتقدم فتاوى القتل وقطع الرؤوس والإبادة الجماعية؟
ماذا تفعل الأقلام أمام قصف إعلامي مأجور ممنهج يريد من الناس أن تلغي عقولها وتصدق أن أبا بكر البغدادي هو منقذ الأمة ومخلصها, وأن (الثورة السورية) المزعومة أهم من الثورة الفرنسية أو البلشفية, وأن جبهة النصرة ليست تنظيماً إرهابياً وأن ما تفعله من قتل وتدمير هو لبناء مستقبل أكثر تمدناً وديمقراطية.
هل كان الشاعر على حق عندما قال:
يخجل الحرف أن يدون حرفاً بعد أن صار بالدم التدوين
إنه زمن مقلوب يمشي على رأسه وفي مواجهته تتضافر الأقلام الوطنية التي تقتحم جمر المهنة وتكتب بالدم حبناً وبالقلم أحياناً مبشرة بفجر جديد مرتقب.

ابراهيم شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار