معاً لنستفيد من دروس الموسيقا وتوظيف الفن للارتقاء بالإنسان

العدد : 9548
الأربعاء 11 آذار 2020

 

ثنائية الفن والطفل من البديهيات الفطرية التي تواجدت مع بدايات توالد اللون والكلمة والحروف في مجتمعاتنا، إذ تشكل الفنون عامة بالنسبة للطفل عالماً قائماً بذاته، يستمد تعبيراته وألوانه وأنغامه من عالم الطفل نفسه، فهي تشكل رسالة لنا تترجم أحاسيسه ومشاعره، ومن هنا كان علينا الاهتمام بهذا الجانب الفكري والإبداعي عنده وإدراجه في قائمة الأولويات في مدارسنا وتقديم كل الإمكانات والوسائل اللازمة للنهوض بالأنشطة الفنية والموسيقية الضرورية في العملية التربوية، وانطلاقاً من هذه الرؤية التي تسعى إلى إعداد جيل موسيقي، أو على الأقل ذوّاق للموسيقا، بكفاءة عالية تبرز بعض الجهود الجماعية (وفي أكثر الأحيان الفردية للقائمين على المواد الفنية في مدارسنا) لتطوير حالة موسيقية مفعمة بالحيوية بين شريحة الأطفال بشكل خاص، لتوفر خبرات موسيقية غنية من خلال خطة متكاملة في تدريس التربية الموسيقية، وتطوير ورفع الوعي الفني والتذوق الموسيقي لدى الطلبة، فكيف يتعامل الكادر التدريسي في مدارسنا مع دروس الموسيقا، وكيف يطورون بنود الخطة الموضوعة لتدريس هذا النوع من الفنون لاكتشاف مواهب الأطفال، وتنمية الذائقة الموسيقية عندهم؟ 

حول هذه التساؤلات كان لـ (الوحدة) اللقاء الآتي مع المدرّسة فاتن قعقع، المتميزة عطاء وإشرافاً، لمادة الموسيقا حيث قالت: للفن عموماً وللموسيقا بشكل خاص دور هام في صقل شخصية طلابنا لذلك علينا تحويل دروس المادة إلى ورشات عمل دورية للأطفال هدفها تنمية ذوقهم الفني، وإعطاؤهم المعلومات الموسيقية سواء أكانت تاريخية أو تقنية وتعريفهم على الآلات الموسيقية بالإضافة إلى توجيهم لسماع الموسيقا.
وفي محاولة لتطوير منهاج هذه المادة والإضافة عليه بما يجعل هذه المادة محببة للطلبة فإن درس الموسيقا يبدأ غالباً بمشاركة مقاطع موسيقية مع الطالبات وإعطاء المعلومات بشكل حواري، ومؤخراً أقمنا نوعاً من هذا النشاط مع طالبات الصف السابع وذلك لتمييز اللحن الشرقي من اللحن الغربي حيث استمعنا إلى مقاطع موسيقية متنوعة، وأنشدت الطالبات لحناً روسياً، وكان نشاطاً جميلاً للجميع وبالنسبة لي كمدرّسة لمادة لم تأخذ مكانتها الهامة في العملية التدريسية قررت إعطاء درس أختبر فيه أذواق الطلبة بهذه المرحلة الصعبة التي نعايشها في كل تفاصيل حياتنا فالوجع عندما يلامس مكاناً من جسدنا يمتد لكل الأجزاء وهو كالحب لا يتجزأ، فالطفل الذي يحب أمه يكن نفس الحب لوطنه ويتعامل بنقاء مع الآخرين، والأمر نفسه ينسحب على الذوق الجمالي والحس الموسيقي، فكان الدرس الذي تم تنفيذه محطة لاختبار الأذن الموسيقية عند طالباتنا، ونحن عندما نقول أذناً نظيفة فهذا يعني أننا نميز بين اللحن الهابط واللحن المدروس والراقي، وعلى الرغم من انسياق معظم أبناء الجيل الحالي وراء موجة اللحن الهابط لمست الذوق الموسيقي العالي لدى نسبة كبيرة من طالباتنا لأنني قمت بغناء السولفيج من دو ماجور الذي يصل لطبقات عالية وفيه جمالية بالصعود والهبوط والتنقل بين النغمات وانتقلت فجأة لمقام الراست دو وأسمعهتن السماعي بخاناته، وعندما قمت بسؤالهن عن اللحن اللواتي أعجبن به فكانت النسبة الكبيرة من الإجابات مع مقام الراست الذي يتصف بصعوبة الدخول على الأذن وعندما طلبن إعادته شعرت بأني قد انتصرت، فكم هو جميل أن يكون لدينا جيل ذواق للحن الأصيل والجميل، طبعاً أنا أتذوق اللحن الغربي أيضاً لأنه عالم آخر له خصوصيته لكن قلبي يحن دوماً لسماع الطرب الشرقي.
وعن الأهمية التي تتمتع بها لغة العالم قالت: تكمن أهمية دروس الموسيقا من الدور الهام الذي تضطلع فيه الموسيقا كفعالية تربوية توظف الفن للارتقاء بالإنسان، فالموسيقا تلامس الروح لذلك تلعب دوراً أساسياً في بناء شخصية الطالب لأنها تقترب من المراحل العمرية لكل صف من صفوف الدراسة بنوع مناسب من الموسيقا الخاصة به وهذا ما يساهم في زرع قيم وطنية وتربوية وأخلاقية عالية في نفس الطالب.
وعن واقع تدريس مادة الموسيقا قالت: في مدارسنا نعاني من عدم وجود وسائل مساعدة لتدريس مادة الموسيقا، بالرغم من توافر كوادر مؤهلة وكذلك وجود الكثير من الطلاب الموهوبين، إنها مادة أساسية لبناء شخصية الطفل كغيرها من المواد التعليمية الأخرى حيث أن الطفل يُفرّغ من خلالها الكثيرَ من طاقاته المختزنة ونشاطه في مجال يهواه ويحبه وقد يبدع ويتألق فيها، وفي مدرستنا نحاول قدر الإمكان تشجيع الطلاب على مواهبهم لكن بوجود وسائل تعليمية ومدرسين مختصين سوف يبدعون أكثر. وكل الشكر للأستاذة فكتوريا لّبس مديرة مدرسة غسان حرفوش لجهودها المبذولة في دعم الأنشطة الفنية والتربوية .
بقي للقول: بأن للأنشطة الفنية في مدارسنا هدفين، الأول تربوي تنموي والثاني تعليمي فلا أجمل من اعتماد ثنائية العلم والفن في حياتنا والتركيز الأكبر على الأطفال على اعتبارهم نواة الأيام القادمة، فلنحاول تجنيبهم قدر الإمكان التشوهات اليومية التي يتعرضون لها في الحياة سواء في الشارع أو المدارس أو في البيت (موبايل – تلفزيون) ونحن بحاجة لكثير من الجهات والجهود الجماعية والفردية لوضع يدنا في يدها للعبور بما تبقى من جمال وبراءة في وطننا (الأطفال) صنّاع المستقبل.

فدوى مقوص

تصفح المزيد..
آخر الأخبار