المواطن السـّـــــــوري معجــــزة في إدارة وتدبير مصاريف أكله اليــــــومي

العدد: 9298

الاحد 24-2-2019

بشقّ الأنفس يتدبر المواطن السوري مصاريف عائلته الشهرية التي يترتب عليها تسديد مجموعة من فواتير الكهرباء والماء وإيجار البيت والتعليم والتدفئة والطهي والدواء، عدا عن مصاريف الطعام واللباس.
ولأن لهيب الأسعار طال مائدة الطعام التي تفوق تكلفة تجهيزها اليومي قيمة الراتب الشهري، فإنه يتبادر للجميع تساؤل مهمّ: كيف تأكل العائلة وتجهز طعامها اليومي لاسيما وجبة الغداء بوصفها الفترة الأكثر أهمية لدى العائلة السورية في ظل ارتفاع الأسعار ؟
* يقول السيد فراس يوسف: إن تكلفة وجبة الغداء اليومية المخصصة لخمسة أفراد تُقدر بـ 3000 ليرة، أي ما يعادل 90،000 شهرياً، و يمكن تخفيض التكلفة إلى 40000 آلاف شهرياً ذلك أن أغلب الأسر السورية تعيد تسخين طعام الغداء ليومين أو ثلاثة أحياناً، ويُضاف إلى ذلك مصاريف الماء والإيجار والكهرباء والتعليم والنقل واللباس والتدفئة والدواء، فإن النفقات الشهرية تتجاوز أضعاف راتبه وبالتالي فهي تعد معجزة من معجزات تدبير مصاريف المأكل رغم ضيق الحال.
* السيدة أم محمد، من الأهالي الوافدين إلى مدينة جبلة منذ حوالي 7 سنوات بسبب ظروف الحرب على سورية، قالت: عائلتنا مؤلفة من 6 أفراد استأجرنا منزلاً بقيمة 25 ألف ليرة سورية، نعتمد في تدبير مصروف الأولاد والمنزل على عمل زوجي في المنطقة الصناعية.
أجهّز الطعام في الفترات الثلاث الفطور والغداء والعشاء حسب إمكانيات البيت، ونستغني في كثير من الأحيان عن شراء لحم الخروف بلحم الدجاج وإن ضاقت بنا الأحوال نستغني عن شراء لحم الدجاج وأقوم بطهي الطعام دون لحوم، لذا نعتمد على تناول الحبوب كونها الأقل ثمناً.
* منار نجمة معلمة، قالت: نحن أسرة مؤلفة من 5 أشخاص نعتمد في معيشتنا على راتبي وراتب زوجي، إن وجبة الغداء مرتفعة التكلفة لذا فإننا نتدبر تجهيز وجبة الغداء وفق ما تيسّر لنا الحال.
إن أقل تكلفة لوجبة غداء بسيطة لا تحتوي اللحوم تبلغ 3000 ليرة وأكثر، اعتمادنا على الحبوب: القمح والعدس والأرز والخضار، ونادراً ما نلجأ إلى شراء المأكولات الجاهزة وفي بعض الأحيان نشتري لحم الدجاج، أما بالنسبة للحوم الغنم والبقر فلا نستطيع شراءها.
* سميرة علي، معلّمة، قالت: يبلغ عدد أفراد أسرتي 5 أفراد، نعتمد في فترة الغداء على تناول الخضار والحبوب واللحمة.
إن أقل وجبة غداء تتجاوز تكلفتها 2000 ليرة سورية، حتى لو كانت تلك الوجبة الفلافل، فلو أننا افترضنا أن العائلة تتناول يومياً الفلافل في وجبة غداء واحدة فقط فإن تكلفتها تتعدى 60000 ليرة بدون وجبتي الفطور والعشاء، ناهيك عن فواتير الكهرباء والهواتف والاتصالات وأجور المواصلات وتكاليف المدارس وما يطلبه الأطفال من مصاريف البسكويت وأقلها قطعتي بسكويت بقيمة 200 ليرة سورية، وتابعت : إنّ تجربتنا في زراعة أرضنا الزراعية بالقرية كانت غير مربحة نسبياً وغير موفرة مادياً عموماً، لأن تكلفة مكافحة الأمراض التي تصيب المزروعات تفوق قيمة المنتجات، وفي حال حدوث موجات الصقيع فإن الضرر الذي يصيب المزروعات يسبب الخسائر المادية التي ندفعها من جيوبنا، عدا عن هدر الوقت والجهد والتعب الذي يذهب سدى.
* المهندس نجدت نزيهة، قال: إن المسألة حسابية بسيطة فقط، عبر استعراض أسعار السلع والمواد الغذائية الرئيسية وحساب متوسط تكلفة وجبة غذائية واحدة للفطور والغداء والعشاء وإجراء عملية ضرب بـ ٣٠ يوماً، ومقارنة الناتج مع الراتب الشهري المتوسط لموظف في الدرجة الثانية أو الثالثة عندها سنرى بالأرقام أن هناك فجوة قد تشكلت بين مستلزمات العيش الغذائية والأجور والرواتب.
و تكفي الإشارة إلى أن كيلو البطاطا بـ300 ليرة، و البندورة بـ 300 ليرة، بيضة واحدة بـ 50 ليرة، واحد كغ لبن 275ليرة، زيت الزيتون ما بين 1800 إلى 2000ليرة، ليتر الزيت النباتي 550 ليرة، 1 كغ عدس مجروش 400ليرة، الرز أكثر من 300 ليرة، ولا داعي لذكر أسعار اللحوم والأجبان وما شابه ذلك إذ نلاحظ ارتفاع أسعار كافة السلع والمواد بأضعاف تتراوح من 2 إلى 5 أضعاف بينما الراتب لم يزدد إلا بنسبة ضئيلة لا تتوافق مع زيادة الأسعار، ونحن هنا لم نتطرق إلى أسعار الأحذية واللباس والمصنوعات الكهربائية عدا عن أسعار الشقق السكنية وأجور السكن.
إذن كيف يعيش الناس ؟ البعض يرتبط بأكثر من عمل ولا يعود إلى منزله حتى العاشرة مساءً، والبعض يلجأ إلى الزراعة على السطح أو الحديقة المنزلية أو في القرية وهذا لا يغطّي إلا القليل من المصاريف.
هذا الواقع يستوجب سياسة اقتصادية وإدارات ذكية حكيمة صارمة تمنع الاحتكار والتلاعب بالسوق بهدف التحكم بمعادلة العرض والطلب لرفع الأسعار وزيادة ربح التجار على حساب المواطن، كما تركز على الاستثمار الأقصى للسلع المتوفرة وتأمين تصدير الفائض كالحمضيات مثلاً وكذلك إنشاء مؤسسات ومشاريع إنتاجية للقطاع العام تهدف إلى زيادة كمية إنتاج المواد الضرورية وتشغيل الأيدي العاملة.
ولابدّ من الإشارة إلى أن شرائح في المجتمع لم تتأثر بالغلاء ولازالت تعيش الترف والبذخ وهم رواد دائمون لمطاعم الخمس نجوم وغيرها وهم المشغّل الرئيسي لهذه المطاعم، لذلك في حال تمت زيادة الرواتب لابد من تثبيت الأسعار وضبطها وزيادة الإنتاج والتحكم بالصادرات والواردات منعاً لغلاء الأسعار وزيادة الأعباء المعيشية على المواطن.

ازدهار علي

 

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار