العدد : 9547
الثلاثاء 10 آذار 2020
أيا شوقيَ المتعب الذي ما كفّ ولا يكفّ عن العتب وفي القلب جوىً, أيا ريحُ فلتمدّي يدكِ إلى يدي ولتأخذيني في تلك الدّروب علّني أرى وجه حلوتي التّي خبّأ لي الأمسَ ليقدّمه في ليلة العيد هلالاً وفي صباحه فرحةً فيبعث في نفسي الحياة وأكتب الشّعر كرمى عينيكِ لتكوني قصيدة عمري التي أعلّقها على أجفان شاردٍ قد شرد النّوم من عينيه مرتقباً ذاكَ الهلال.
ها هو انتظاري يطول يا أيّها الوجه الذي يسافر مع الرّيح في ليل الشّتاء البليل, آه لو امتلكتُ بعض حصى على شاطئ الذّكريات لأرسمَ لوحة الانتظار أو أكتب رسالة العمر أوْدعها البحر ليلتقطها بحّارة الأساطير فأكتب فيها حالة الاغتراب التي جعلتني كمن يُبحر في عُباب السّهر وليالي السّهد.
ها أنا أُسلمُ نفسي للكرى حيث لا نوم مع أنين الشّوق واحتراق الوهم في يوم العتاب, وأسأل نفسي كيف للنوم أن يطرق جفوني وفجري نابتٌ عليها والصّبح يُطفئ ظمأ العاشقين فيشعل قناديل الشّراب ويُمطر غيم الزّمان فينبعث الشّباب وتعود أيّام اللقاء.
أيا حلوةَ الأيّام ما أقساه من ليلٍ بعيدٍ ومن وجع رأسٍ ملأته الظّنون بأنّ الأيّام ليست كالأيّام وأنّ القادم منها ليس كالهارب, فأنا عصفورٌ لا يقوى أنْ يرفّ جناحه بعدما جرحته أشواق الحبيب وأدمته أشواق الغياب, فأنا عاشقٌ أتعبته نهدةُ حزنٍ كما نهدة وروارٍ مُهاجرٍ وقد صدأ في غربةٍ لا قرار لها, غربةٍ كما الجرح لا يوقف نزفَه ولا تمحوه السّنون, لذا يا عصفورتي الصغيرة ذات الشعر والضفيرة, أرجو أن تهبيني بعض حريّة من قيد الأشواق وتعالي إليّ مدّي يديكِ وابعدي عنّي عتمة ليلٍ دجٍ وأطلقي سهام الوهج من عينيكِ وأبعدي عنّي دمع الصّباحات ومرارة الآهات فقد تهتُ في خطوة الحبّ وأضناني العتاب بعدما شاخ عمري وأخذتْ شيخوختي تحطّ رحالها على شاطئ الجرح والدّم حيث النّزف خيط من دموع.
وأنا العاشق المنفيّ في الشهيق والزّفير وأنا العاشق الذي عاش جهل الحبّ في قواميس الاغتراب حتى أدمنْتُ الخُطا المثّاقلة والزّمن اليابس وكلّ أيّام الحنين وأخذتُ أسوقُ نفسي والنّبض يرجّني.
أيا حلوتي أما من طيف يطوف بي فوق سريرٍ من دعاء ويُضيء عتمة ليلٍ أقرب إلى اللقاء, فلا الليل مضاءٌ ولا العمر مع جفاء الحبّ بعمرٍ وما من شيء أنتظره سوى عمرٍ داريته بدمعٍ مالح قرّح عينين من كمد, آه يا حلوتي لو تعبرين بي شاطئ الحياة لأحطّ في جنّة العمر وأقول للعاشقين أو للواشين أنا عاشق يجاهر بعشقه.
أيا قلبُ مهلاً ولا تعجلْ فها هو وجع الحلم قد رحل وغادرني الألم كما خيبات الانتظار قد ولّت وضجّ القلب بالنّبض وفاض اشتياق, أنا يا حلوتي عاشقٌ ما ملّ الانتظار ولا أضناه السّهر لا بل أنا مَنْ أطربني نبض قلبي مردّداً أغاني الاشتياق رافعاً صوت أجراس اللقاء والكل في انتظار وشوق للحياة, أتوقُ إلى اللقيا وأنتِ تسكنين القلب وأنتِ للبدر ضياء.
نعيم ميّا