وقـال البحــــــر.. التراث والحداثة عنـــد بـــدوي الجبـــــل

العـــــدد 9546

الإثنــــين 9 آذار 2020

 

صدر في كتاب ضخم ضمّ وقائع الندوة العربية عن الشاعر العربي الكبير بدوي الجبل والندوة تكريمٌ لهذا الشاعر وتركيز عن أن شعره استمد من التراث الغني وعبّر عن حداثةٍ وتجديد وإبداع وقد صدر الكتاب عن وزارة لثقافة وقد جاء فيه أن الشاعر الكبير طرح القضايا في شعره بغنيّة ساحرة وقد امتزج في العقل والوجدان والحسّ، ليخرجا أنموذجاً عربياً يسطّرنا تاريخه داخل التاريخ فقرؤه جلياً صافياً بصفاء العروبة وصحرائها، وبداوتها وحضارتها وتراثها وقيمتها وكفاحها.
استطاع البدوي أن يردم الهوّة بين القديم والحديث، وقد صدرت كتب عديدة حول قامة الشاعر بدوي الجبل الشامخة وأكدت تلك الندوة الهامة أن البدوي استطاع أنّ يوفق بين الحداثة والأصالة في شعره، استطاع أن يجعل من الأصل حديثاً ومن الحديث أصيلاً استطاع أن يكون شاعراً حديثاَ أصيلاً معاً، إنه يجعل الموروث حاضراً دون أ يُشعرك بثقل الإرث وعبئه، إنه لا يحاكي الجاهز الموروث المتراكم في الذاكرة بل يفجر الراهن الحاضر يختزنه في الذات ويعيد تشكيله فهو حديث قديم وقديم حديث يجعل من الحداثة أصالة ومن الأصالة حداثة.
وقد حقق البدوي نموذجاً مزيداً بين أشكاله على الموروث وانطلاقة إلى أفق جديد يبدع فيه حداثته الشعرية وقد خرج من دائرة التكرار والاجترار واستعادة النسق المألوف للقصيدة العربية عند أعلامها الكبار في عصور ازدهار الشعر العربي وأشرت أنا شخصياً عن الموروث والحداثة في شعر البدوي، وذلك في كتابي (بدوي الجبل ذاكرة الأمة والوطن) وقد صدر الكتاب عن وزارة الثقافة عام 2013 ويحتاج البحث عن جدلية العلاقة بين التراث والحداثة إلى جهود جادة متعمقة والكشف عن هذا الأمر من النقاد والدارسين.
وسيبقى هذا الأمر سر الأسرار في البنية الشعرية لقصيدة بدوي الجبل للموزون حضوره وشموخه وكبرياؤه وللحداثة حضورها وانطلاقها ومغامرتها وقد تحدث بعض الباحثين عن التناص في شعر البدوي وإن التناص مصطلح حديث وهو أحد مميزات النص الأساسية التي تحيل على نصوص أخرى سابقة عنها أو معاصرة لها.
وهناك دراسات عن تناص شعر بدوي الجبل مع القرآن الكريم وهذا يحتاج إلى بحث مستفيض عميق. وقد كان التراث الديني مصدراً هاماً من مصادر الإلهام الشعري لدى كثير من الشعراء وقد تنوعت أساليب البدوي في استحضار التراث ولم يقتصر استحضاره على الإشارة القرآنية أو الإيماءة أو اللفظة أو الآية أو التركيب وإنما تعدى ذلك كله إلى استحضار المعجزات والقصص القرآنية.

عزيز نصار

تصفح المزيد..
آخر الأخبار