العدد 9542
الثلاثاء 3 آذار2020
كما سمك البحار الذي لا ينام، كما الغزلان التي تنام وتصحو خوفاً من الذئاب، تلك الليلة نمتُ وصحوت خوفاً من السفر . .
صباحاً غادرت زهرة الريح، ولأول مرة سأغيب عنها طويلاً، طوال أيام المدرسة ودّعت أهلي والجيران، مضى الخريف، مضى شتاء الريح وأنا بعيد عن زهرة الريح . . رجعت في عطلة الربيع، قضيت أياماً معهم . .
في طريق الرجوع تمنيت لو أن (اللاندروفر) تطير لنصل سريعاً . . لم تطر اللاندروفر، توقفت في منتصف الطريق . .
قال لنا السائق: لقد ارتفعت حرارتها، وما علينا سوى الانتظار كي يبرد المحرك، حتى نتابع طريقنا . .
انتظرنا ما يزيد عن نصف ساعة، وبعدها صعدنا نحن الطلبة إلى ظهر اللاندروفر وتمسك البعض على السلالم، وأخيراً مع الغروب وصلنا زهرة الريح، وهتفنا بسعادة نحن الطلبة العائدين، هذه هي زهرة الريح، هذا الجبل، وهذه البيادر، هذه البيوت، وها هم أهلي، أمي التي كانت تقول لي، سنبيع ما فوقنا وما تحتنا كي تتعلم.. وعندما كبرت أدركت أن لا شيء كان فوقنا إلا السماء، وما كان تحتنا إلا التراب، حياتنا أشبه بثياب مهلهلة لفقير عاثر!
بديع صقور