بين الشـط والجبل …توت الكلام

العدد 9542
الثلاثاء 3 آذار2020

يشدني ذلك الركن الهادئ في غرفة أو حتى قاعة انتظار، ويبدو أليفاً لي وكأنه صديق قديم . . طاولة صغيرة وعليها بعض الكتب والمجلات، هي أكثر شيء يزيل توتر يوم طويل ويجعلني أشعر أني أحاور دفء المكان رغم الصقيع الذي يلفه، وفي أحيان كثيرة أستمتع بالإصغاء لموسيقى الصمت التي تأتي من ملامسة الورق وقراءة زاوية أدبية قديمة ومنسية بين صفحات المجلة الملقاة بعفوية فوق الطاولة، لم أستطع رغم السنوات الطويلة ومفرزات التكنولوجيا الحديثة ومقتنياتها الحديثة التي لا تحصى أن أبدد وحشتي إلا بالقراءة، لم أستطع أن أعبر عما يعتريني من خيبة أو فرح إلا من خلال الكلمة، وحدها تلك السطور تشبهنا في تفاصيل كثيرة، تختصر ملامح غربتنا، تارة ترقص فوق ضفاف الجرح، وتارة تغني للشمس والظلال وتارة أخرى تتساقط مطرا فوق نرجس القلب! في كل مرة، يشدنا ذلك الشيء الذي يجعلنا نقرأ في أعماقنا حتى دون أن نمسك كتاباً، نتوق لتصفح جريدة ولو كانت قديمة، ننسى زحمة الوجوه من حولنا وخدعة الحضارة، نتقاسم رغيف الحب مع الذكريات والأسماء والعناوين الأثيرة، نتشتت غيما فوق صحراء العمر، ونطبع قبلة فوق خد شجرة توت كنا نحن عصافيرها الصغيرة، نذوب . . وتذوب معنا الفصول!

منى كامل الأطرش

تصفح المزيد..
آخر الأخبار