أوليــــــاء الأمــــور يتســــــــاءلون: ما جـــــدوى الواجـــــبات المـــــنزلية؟ المناهـج.. فصلت على مقاســنا لأنهـا تفـــوق طاقة أطفالنا كمــاً وكيفاً
العدد 9538
الأربعاء 26 شباط 2020
من منا لم يتقاعس في بعض الأحيان عن أداء واجباته المدرسية خلال مراحله الدراسية المختلفة؟ خاصة في المراحل الأولى، لنستيقظ في الصباح ونجد أن المسألة الحسابية التي لم نكمل حلها قد تم إنجازها أو أن إعراب القصيدة التي لم نكمل تدوينها في دفتر مادة اللغة العربية قد كتبت بشكل أنيق ومرتب ولنكتشف من الابتسامة الرقيقة لنبع الحنان في عالم كل طفلٍ منا أنها هي من قامت بسد الثغرة التي كانت ستتسبب في عقوبة صارمة سوف تنالنا من معلمتنا نتيجة لتقاعسنا عن أداء فروضنا البيتية وكان الرجاء بألا تكتشف هذه المعلمة الفارق في الخط الذي حاولت الأم تقليده على سطور دفتر واجباتنا المنزلية لتجنبنا التوبيخ أو العقوبة بكافة أشكالها، ويستمر الوضع حالياً مع تعاقب الأجيال، ونكرر المشهد ذاته مع أطفالنا ولكن للأسف بشكل يومي، إذ لا تتوقف المناقشات بين أولياء الأمور والمعلمين حول جدوى الواجبات المنزلية واقتراحات إلغائها، لاسيما أن نتائج الدراسات التربوية في هذا الموضوع لم تؤكد أهميتها في تحفيز أطفالنا على التفوق، فكيف يمكن تطوير نظام الواجبات المدرسية ليصبح مفيداً لجميع فئات الطلبة؟ وكيف يمكن للأسرة تحفيز طفلها على إنجاز واجباته المدرسية؟ أسئلة طرحتها (الوحدة) عبر هذا الاستطلاع..
* السيدة ريم وسوف، أم لطفلتين في المرحلة الابتدائية: أساعد طفلتيّ في حل الواجبات الكثيرة جداً وهذه العملية تستغرق وقتاً طويلاً خاصة في المراحل العمرية الأقل، وأعاني من مشكلة تكرار كتابة كلمات أكبر من مستوى إدراكهما ومن عدم وجود تنسيق بين المواد ويمكنني القول إن الواجبات المدرسية تستحوذ على معظم أوقاتهما بعد اليوم الدراسي بشكل مبالغ فيه، وأحياناً أخاف من رد الفعل عندهما تجاه المدرسة فألجأ لحل واجباتهما لأخفف عنهما التعب والمجهود الإضافي..
* السيد نعيم الليوا، مهندس وأب لطفلتين قال: يجب الاعتراف بأن حجم الواجبات الكثيرة التي يحملها النظام التعليمي لأبنائنا ما هو إلا إهدار لطفولتهم وقدرتهم على التركيز والإبداع، وهذا لا يعني أبداً أنني أقول أنه لا واجب منزلي تماماً، لكن مراعاة الواجب من حيث الكم والكيف هام جداً ليتقبل أطفالنا فكرة الاعتماد على الذات وإنجاز المطلوب منهم.
* السيد عادل نزيهة، موظف وأب لثلاثة أطفال قال: الواجبات المنزلية تعمل على زيادة تركيز الطلاب وتدربهم على إدارة الوقت، كما أن كثيراً من أولياء الأمور في مجتمعنا يطلبون تكليف أطفالهم بأداء الواجبات المنزلية ويحكمون على المدرس وجدارته بحجم الواجبات التي يفرضها عليهم ولكن لابد من القول: نعم الواجبات المدرسية ضرورية لمراجعة ما يتلقاه طول اليوم من أجل تثبيت المعلومة في الذهن، ولكن من وجهة نظري يجب تغيير منهجية إعطاء الواجبات، والاتجاه للتجديد، وطرح أفكار إبداعية تجعل الطالب يتحمس لحل الواجب، فمجال التربية والتعليم يتجدد مع التطور وهذا يتطلب التوازن بين تفكير الطالب وما يدرسه.
* السيدة رقية نجم، معلمة وأم لطفلين قالت: من المهم أن تكون الأم حاضرة أثناء إنجاز طفلها فروضه المدرسية، ليشعر بالأمان والاهتمام، شرط ألا تتدخل أو تحاول إنجاز فروضه بدلاً منه، بل تجعله يفكر في الحلول لا أن تعطيه إياها جاهزة، فلكي يصبح الطفل قادراً على العمل وحده عليه أن يشعر بأن فروضه تعنيه وحده، ومن الضروري أن يتعلّم الطفل ترتيب دفاتره وكتبه وتعليمه وضع خطة لإنجاز واجباته المدرسية بمفرده.
* السيد رزق الله جبور، دبلوم دراسات تربوية أجاب على سؤالنا حول كيفية تطوير نظام الواجبات المدرسية ليصبح مفيداً لجميع فئات الطلبة فقال: إن ما يحدد نسبة استفادة الطالب من الواجب المدرسي هو الحافز الداخلي عنده ودرجة اجتهاده، وقد حذرت الدراسات التربوية من قيام الأهل بأداء الواجب المدرسي نيابة عن أبنائهم، لأن هذا لا يؤدي في أغلب الأحيان لتحفيز الطالب أو تحقيق النجاح المطلوب، بل العكس، وهذا الأسلوب لا يعطي الابن الحافز ليطور قدراته ويتحمل مسؤولية أعماله، لأنه يعلم أنه سيجد من ينقذه ويتحمل المسؤولية بدلاً منه عندما يهمل، أما أنجح صور الواجبات المدرسية التي نوصي بها كتربويين فهي تلك التي تعتمد على مبدأ (تعلم أن تتعلم) وذلك من خلال تعليم وتدريب الطفل على وضع أهداف ومحاولة إنجازها خلال فترة زمنية محددة، مع التأكيد على وجود مكافأة في النهاية حال تحقيق النتيجة المرجوة.
* السيدة دينا شعيب، أم لطفل قالت: أنا مع تكليف أطفالنا بالواجبات المنزلية التي بدونها لن يتعلم أطفالنا الالتزام ولن يتذكروا ما درسوه طوال اليوم، فالواجبات تعمل على تنظيم وقت ومجهود أبنائنا بعد عودتهم من المدرسة، وترسخ فيهم قيماً إيجابية مهمة في بناء مستقبلهم، وعليهم هم أن يتحملوا مسؤولية واجباتهم المدرسية بمساعدة الأهل، وأشارت إلى أن بعض أولياء الأمور يشكون من كثرة الواجبات، لأنهم لا يتحملون الجلوس مع أبنائهم مدة طويلة للمساعدة في حلها، والطالب لا يتحمل، ولكن تجربتي مع أطفالي أثبتت أنه إذا لم تكن هناك واجبات، فالطالب لن يفتح كتبه، ولن يدرس وهذا ما يشهده الواقع التعليمي في منازلنا.
* الطالبة سوزان ملوك، الصف الثامن قالت: إن الواجبات المدرسية مفيدة للطالب، لتثبيت المعلومات واسترجاع ما أعطاه المعلم في حصته، ولكن بعض المعلمين يثقلون كاهل الطالب بإعطائه الكثير من الواجبات المدرسية خاصة في ظل غياب المراجع العلمية، وهناك جوانب سلبية وإيجابية للفروض البيتية لكننا نستطيع تجاوزها من خلال تنظيم الوقت والاطلاع على بعض الكتب من خارج منهاجنا الدراسي.
* السيدة لوريس عطية، موظفة قالت: يعاني الطلاب من ضغوط الواجبات المنزلية، والتي قد تكون أحياناً وكأنها موجهة لأولياء الأمور، لأنها قد تفوق طاقة وقدرات الطالب كماً وكيفاً، وأرى أنه من الأفضل حل التمارين في المدرسة، ليكون التنافس بشكل أكبر وبجهد ذاتي، وأن يكون البيت للتفرغ لاسترجاع ما تم دراسته خلال اليوم أو الأسبوع الدراسي.
بقي للقول: تؤكد الدراسات التربوية أن فكرة الواجبات المدرسية تعتمد بالأساس، على مبدأ تطبيق ما تعلمه الطالب في المدرسة لترسيخه في ذاكرته، بالإضافة إلى ما يتعلمه من خلال إدارة فترة معينة من وقته في المنزل بعيداً عن توجيهات المعلم، وتشير هذه الدراسات إلى أن الواجبات المدرسية أيضاً تشكل رابطة بين المدرسة والعائلة، التي يمكنها الاطلاع على ما يتعلمه طفلها في المدرسة، لكن بالمقابل يمكننا القول بأن الواجبات المدرسية قد تتحول في بعض الأحيان إلى عبء على الطالب، خاصة في ظل ما تعانيه مجتمعاتنا من ضعف المستوى التعليمي فيها واعتمادها على طريقة التلقين والحفظ الحرفي للمنهاج والتي تحذف من عقول أبنائنا قدرتهم على الابتكار والإبداع، وهنا يتم التأكيد على ضرورة التواصل مع المدرسة لإيجاد الطريقة المثلى التي تساعد أطفالنا في فهم المواد الدراسية لتصبح المهمة تشاركية في التربية والتعليم معاً، فدعم الوالدين يساعد الطفل على المثابرة والتحصيل العلمي وعلى تطوير نفسه وإظهار قدراته في المدرسة، وعندها سيكون الركيزة الأساسية في عملية التدريس ويحل واجباته بذاته ودون الاعتماد على الآخرين.
فدوى مقوص