الترجمــــة المسرحيــــة.. فن يغـــذّي المســــرح

العدد : 9530

الأحد : 16 شباط 2020

 

أكد د. منتجب صقر في دراسته التي قدّمها في مجلة الآداب العالمية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب في سورية على خصوصية الترجمة المسرحية مشيراً إلى أهمية ترجمة الأعمال المسرحية ودورها في نشوء الثقافة بين الشعوب فما هي الشروط التي يجب توافرها في من يقوم بترجمة الأعمال المسرحية؟ وما هي صعوبات ترجمة العمل المسرحي وفقاً للحركة على الخشبة؟ وماهي المواصفات التي ينبغي توافرها في المترجم المسرحي؟ أسئلة عديدة نحاول الإجابة عليها في مادتنا لهذا اليوم مستعينين بما وثقه د. منتجب صقر في دراسته حول هذا الموضوع وقد أشار في بداية الأمر إلى أن عملية الترجمة تتحقق عبر طريقتين وفقاً لحركات الممثلين على الخشبة، الطريقة الأولى وهي ترجمة الإيضاحات النصيّة بشكل جيد وعدم اختصارها فهي تمثل الطرق الرئيسة التي تسير عليها كلمات النص المسرحي وهذا يشمل النصوص المسرحية التي تكثر فيها الإيضاحات النصيّة التي تشكل امتداداً لكلام الشخصيات والطريقة الثانية تشير أنه في حالة ندرة هذه الإيضاحات يجب على المترجم الانتباه إلى بنية النص المسرحي بحد ذاتها أي يجب أن يراعي طبيعة الكلام الذي يستخدمه الكاتب المسرحي وضمن هذا السياق نوّه د. صقر إلى صعوبات الترجمة المسرحية مشيراً بأنها واقع علينا بحثه كون الترجمة الأدبية وخصوصاً المسرحية أصعب كثيراً من العلمية أيضاً وعن الشروط التي يجب توافرها في من يقوم بترجمة الأعمال المسرحية قال: يجب أن يكون مترجم النصوص المسرحية مبدعاً، فالنص المسرحي يُعدّ كائناً حياً، حيوياً ومتطوراً ومعناه غير قابل للنفاد والعمل المسرحي غالباً ما يكون غير قابل للترجمة لصعوبة إيجاد نسخة مطابقة، واستحالة إعادة إنتاجه مع الحفاظ على كل تشعبات اختياراته الأصلية، فالترجمة المسرحية لا يمكن أن تكون إلا إنتاجاً لعمل آخر هو استنساخ النص الأصل، بل هو إنتاج أصل جديد يحل محله، وهنا فإن مترجم المسرح يقوم دائماً بإنتاج نص مسرحي آخر مادام هناك تجاوز للحرفية، وما دام هناك تحويل وانزياح، أي بعبارة أخرى تملك، فالمترجم المسرحي مجبر، بمعنى من المعاني، على أن يكون حرا ربما أكثر حرية من زملائه المترجمين في المجالات الأخرى لكنه يبقى خاضعاً لبعض القواعد حتى يظل التلاقي بين النصوص أمراً مضمونا، هذه الحرية في الترجمة ترتبط بشكل أساسي في كون النص يترجم لكي يمثل على الخشبة وليس فقط للقراءة وبخصوص ترجمة النص المسرحي وفقاً للحركة على الخشبة أضاف د. صقر قائلاً: يجب أن ينتبه المترجم المسرحي إلى الإيضاحات النصية التي تحدد حركة الممثلين على الخشبة وبالتالي يكون لها تأثير كبير على طريقة كلامهم وينبغي على المترجم أن يحضر الكثير من العروض المسرحية بحيث يتسنى له فهم لعبة الممثلين على الخشبة وعليه ألا يتعامل مع النص المسرحي كونه عملاً أدبيا فقط بل يجب العمل عليه وفقاً لآليات إخراجه في اللغة المنقول إليها أي أن الصفة الأدبية للنص المترجم قد تبعده عن عفويته وبساطة اللغة التي كتب بها..

وفي محور آخر انتقل د. صقر للحديث عن المواصفات التي يجب أن تتوافر فيمن يقوم بالترجمة المسرحية حيث قال: لا تكفي معرفة المترجم باللغة الأصلية للنص معرفة أكاديمية بل تلزمه ممارسة واعية متفهمة لمدلولات الألفاظ في تلك اللغة مع دراسة دقيقة للزمان والمكان والخلفيات الاجتماعية والنفسية التي كتب فيها النص وأيضاً دراسة لغوية دقيقة لمدلولات الألفاظ في اللغة التي يترجم إليها إذ أن للمسرح لغته الخاصة، فيها تناسق شديد بين اللفظ مع غيره من الألفاظ وبين اللفظ وإيقاعه الدرامي، مع إدراك لفنون البيان والبديع في اللغتين، والترجمة فن قائم بذاته يغذي المسرح بروائع الإبداع العالمي وهي ترجمة تفسيرية درامية تفسر النص وتعيد صياغته يقوم بها خاصة ممن لهم الحس الدرامي مع معرفة دقيقة باللغتين ولا بد له من معرفة بفن التمثيل المسرحي، مدركاً أنه يؤدي رسالة سامية في تفاعل الحضارات فترجمة النص المسرحي يجب أن تراعي نقل الأحاسيس والمشاعر من دون إرهاق النص بالعبارات الرنانة الغريبة عن ماهية وطبيعة العمل بحيث أن الممثلين سيضطرون في نهاية الأمر للتكيف مع النص المترجم وفقاً لما يقدمه المترجم أي التمثيل بأصوات مستعارة متشنجة تقيد الحوار فعندما لا يشعر الممثل بروح النص فإنه سيعتمد على قدراته الشخصية وخبرته في التعامل مع النصوص الأجنبية لإيصالها للجمهور وختم د. صقر حديثه عن هذا الموضوع بالقول: على المترجم أن ينقل للمخرج لغة العرض التي يمكنه التعامل معها أثناء إخراجه للنص، فحركات وتوضعات الشخصيات التي تصفها الإيضاحات النصية تمثل جزءاً لا يتجزأ من النص المسرحي وإن فهم هذه الإيضاحات يسهل عملية الترجمة ويعطي للنص المسرحي دينامية حركية تجعله أقرب للنص الأصلي وعليه أن ينقل لنا اللغة الشفهية والحركية التي ينبض بها النص وبذلك يكون قادراً على حمل روح النص من لغة إلى أخرى محافظاً على الكيمياء التي كتب فيها.

ندى كمال سلوم

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار