العدد: 9529
الخميس 13-2-2020
سأغافل النجوم من على رأس الجبل، لأقطف نجمة واحدة منها . . فوق رأس الجبل، على الهضاب وفوق التلال، في الأودية العميقة، وعلى ضفة النهر الكبير الشمالي، درجنا مع الخراف والغيم كأفراخ الحجل، ومع أمهاتنا، من السفوح، صعدنا الجبال العالية وجمعنا الحطب، هناك تسلقنا أشجار الزعرور والبطم وقطفنا حباتها الناضجة، نبشنا التراب بحثاً عن بيض الحمام، أكلنا رؤوس النباتات الغضة، معاً رعينا مع جدياننا وخرافنا . . فوق قمم الجبال العالية، نرقص، ونهلل: نحن الآن الاقرب إلى السماء، الأقرب إلى النجوم، الأقرب إلى الله.
مرة مددت يدي مغافلاً النجوم، محاولاً قطف نجمة لأقدمها إلى أمي في عيدها . . .
فوق ظهر الجبل بقيت إلى ما بعد الغروب، حاولت الإمساك بذيل نجمة، فسقطت من فوق صخرة عالية كفرخ صغير، سقط من عشه . . شُجّ رأسي، وانكدمتْ ركبتاي، إضافة إلى جرح عميق في جبهتي، ماتزال ندبته العريضة إلى اليوم . . .
مرة تخيلت القمر حقلاً واسعاً من عرائس الذرة، وعناقيد العنب، حملت أن يأتي ملاك ويحملني، ولنصعد معاً إلى كروم القمر . .
ومرت السنون . . وذلك القمر لم يأت، لهذه تخيلت عن حلمي بقدوم الملائكة . .
درج النهار . .
أنا عود القصب، النخيل كدوري الشتاء، كما كانت أمي تسميني
وتشبهني: يا حسرتي يا بني! لو بقي الطير ينقر في جسدك النحيل هذا، شهراً كاملاً، لما استطاع الحصول على (فرمة) لحم واحد منه، ومع ذلك بدأت أصعد درج العمر المتصدع هذا . . درجة . . درجة ، لأسقط من بعدها درجات ودرجات . . أسقط، واعلو، وأكبر مع السنين، وكل الفصول عوز الأيام . . زمهرير العمر يتراكم، ولا يذوب . . ونحن في شتاء العمر . . كيف سنكون في ربيع العمر؟ وبعدها صيف العمر، وخريف العمر؟! متى تصير العمر ربيعاً، ونصعد درجة الزاهي بفرح؟
في الصيف يكوينا حره، وفي الخريف تذورنا الريح ورقاً يابساً على الدروب . .
في الشتاء ينخر عظامنا البرد، ويغرقنا المطر بسيوله . . عن أجسادنا، وتنشرها قرب الموقدة على أمل أن تجف لترتديها في الصباح القادم . . قبل انطلاقنا إلى مدرستنا (أم ساموكين).
بديع صقور