العدد: 9520
الاحد: 2-2-2020
ليس من السهل ونحن نكتب، أن نمسك بكل الأحداث التي تعصف بالأمة في مقال واحد، وهو بالأساس مقال يعتمد على الخاطرة الوجدانية بعيداً عن المفردات السياسية التي يتسم بها المقال السياسي عادة.
صفقة القرن الأمريكية الإسرائيلية، تحتل المساحة الأكبر في الإعلام والدوائر السياسية الدولية وفي بلدان وقوى المقاومة، لكن الصفقة تمر في بلدان النفط العربية خجولة وكأن قيادات تلك البلدان أمسكت بجرم العهر، والصفقة بكل تفاصيلها، وبكل أطرافها السياسية عهر العصر بحق شعب شرّد عن أرضه، وبحق أمة تآمر عليها أبناؤها قبل الآخرين.
يقول (بن غوريون) بعد جريمة النكبة عام 1948 لضباطه: (لا تظنوا أنكم انتصرتم لأنكم شجعان، وإنما لأن عدوكم كان ضعيفاً ومفككاً وغبياً) والصفقة التي يمررها ترامب ويعلنها في احتفال تحضره جهات عربية لم تكن لتحدث لولا حالة الضعف العربي الذي أصاب الروح العربية منذ عقود، ولولا هذا التخاذل الذي أصاب حكاماً يرون أن عروشهم أهم بكثير من شعوبهم وأوطانهم ومقدساتهم وأمتهم وعروبتهم وكرامتهم القومية والشخصية.
خيط أسود، يمتد من وعد بلفور عام 1917 إلى نكبة عام 1948 إلى زمن الصفقة الذي يرفع العلم الصهيوني على القدس تحت غطاء من الصمت العربي المخزي.
ماذا نكتب عن أزمنة الخيانات القومية؟
يقول لي صديق على علاقة بالأدب: ( وسائل التواصل الاجتماعي، احتجزت اللغة في أقفاص ضيقة جداً، وصنعت منها أقلام أحمر شفاه، وحمالات صدر)، أدهشني التشبيه.
في تلك الفضائيات الناعقة بأخبار الخراب، باتت الكلمة فيها فاقدة لنبضها الوطني والقومي، كلمات جوفاء كبنادق الخيانات التي حملتها بعض الجيوش العربية في زمن النكبة الفلسطينية، فتقدمت جيوش الهاغانا وتراجع الجنود العرب، ليس لأنهم ليسوا (شجعان)، ولكن لأن قياداتهم خانتهم.
يسألني شاعر عاشق: (هل مات القمر في حكايات العشاق، وغابت أشعار الحماسة في دفاتر العرب؟).
في زمن المحن القاسية، يا صديقي، تخضوضر الحكايات العاشقة، وفي أزمنة الخيانات التي نراها اليوم، تتصحر دواوين الشعر، ويجف نسغ العشق.
سليم عبود