العدد: 9511
الاثنين:20-1- 2020
بعد كل استحقاق إقليمي أو دولي وخروج لأحد منتخباتنا الوطنية من المنافسة يطل الصراع برأسه من جديد حول المدرب الوطني والمدرب الأجنبي ومن هو الأصلح بينهما للإشراف على كرتنا ومنتخباتها، ولم يكن الهجوم الذي طال مدرب منتخبنا الأولمبي بعد خروجه من نهائيات أمم آسيا قبل يومين هو الأول من نوعه ولن يكون الأخير بعد ما سبقه هجوم مماثل على مدرب المنتخب الأول وقبله منتخب الشباب وهكذا دواليك.. وفي كل مرة نعيدها (ومن الآخر): ليس لدينا مدرب على مستوى عال من الكفاءة لا في الأندية ولا في المنتخبات بل لدينا مدربون يحملون شهادات تدريبية لا تصنع مدرباً مثل شهادة الحقوق التي لا تصنع محامياً ناجحاً أو شهادة الهندسة وغيرهما، فمن يصنع المدرب هو العقل والتفكير والذكاء والمبادرة وأسلوب التعامل مع اللاعبين والإدارة، فالمدرب تصقله الأحداث لا الشهادات التي لا تغدو كونها عاملاً مساعداً، وفي بلدنا لا نجد ذاك الفارق الواضح بين فجر والحكيم والجطل والعفش والبحري والشمالي، فالكل يجرب في هذا النادي ويفشل، فيجرب في آخر وينجح، يطبق طريقة هنا وخطة هناك، ويظل بين الفشل والنجاح على لائحة الانتظار بحثاً عن لقمة العيش وممارسة الهواية الوحيدة التي يتقنها دون أن يدرك أن التدريب لم يعد يقتصر على خطط باتت واضحة ومعروفة ولا على اللياقة البدنية ولا الوقوف على مضمار الملعب لتوجيه اللاعبين، ولم يعد الهدف الأوحد للمدرب مقتصراً على تجميع النقاط في الدوريات فقد تنجح اليوم وتفشل غداً، ولكن أصبح من أهم أوليات المدرب صناعة اللاعبين وتطوير مهاراتهم العقلية والنفسية والتكتيكية والقتالية وتحويل اللاعب العادي إلى جيد والجيد إلى ممتاز والمحلي إلى دولي ومنحهم مراكز ومهام في الملعب تتناسب مع قدراتهم، وهنا نذكر كمثال أن مدرب ليفربول الألماني كلوب هو من صنع شهرة محمد صلاح وساديو ماني وفان دايك وحولهم من لاعبين محليين إلى صفوة لاعبي العالم، وكذلك مدرب ريـال مدريد زيدان الذي حول بنزيما من لاعب احتياطي إلى هداف للفريق، وغير ذلك الكثير، وإذا كان مدربونا لا يزالون في مرحلة التجريب للوصول إلى مرحلة التدريب، فإن أنديتنا حولتهم إلى مجرد تجاب لجمع النقاط، لذلك كانت الصفة الغالبة هي الاستغناء عن المدرب بالسرعة القصوى قبل أن يلتقط أنفاسه ويتعرف على أسماء اللاعبين ويدرس إمكاناتهم، لأن أنديتنا تحمل شعار: نقطة مباراة اليوم ولا مخططات وهموم الغد، بحيث تحول المدرب إلى جامع نقاط أكثر منه صانعاً للمستقبل، ولكي نعطي المدرب المحلي حقه فإننا لا ننكر عليه إخلاصه في عمله وتفانيه في خدمة النادي الذي يعمل به وقناعته بالمردود المادي الأقل على مستوى العالم وتحمله ضغط الجمهور والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي التي لا ترحم أما مدربي المنتخبات فعليهم أن يدركوا أن الإقالة أو الاستقالة أمر طبيعي ويحصل في كل منتخبات العالم التي تبحث عن مكان لائق على خارطة الكرة العالمية، وخلاصة القول إن التدريب في بلدنا مهنة شاقة ومضنية فيها القليل من العرفان والكثير من النكران، والقليل من الراحة والكثير من وجع القلب، فشكراً لمدربينا على ما يقدمونه من تضحية وإخلاص وفق إمكاناتهم، والعتب على من يعتبرهم خروف الأضاحي على مذبح المسؤوليات وتدني المستويات التي تتحمل معظمها الإدارة واللاعبين المتقاعسين على أرض الملاعب.
المهندس ســامــر زيـــن