العدد: 9295
الثلاثاء: 19-2-2019
إن كنّا بـ (مجموعنا) نحن الوطن، فعلينا أن نرتّب تموضعنا على جغرافيته وفي بُناه المختلفة، كي نكون لائقين بما سننتجه ونكوّنه، وإن كان الوطن (مجموعة مؤسسات ودوائر حكومية وقوانين) فنحن موجودون بهذه الدوائر، ونحن من وضع هذه القوانين، أي أننا في الاتجاهين (موجودون)، وعلينا أن نعمل ما يشفع لـ (وجودنا) أو نقبل أن نكون مجرّد أرقام!
لن (نفتح السقف كثيراً)، فقط سنطرح كلّ مرّة بضعة أسئلة بسيطة و (ساذجة ربما)، فإن أتانا الجواب شفافاً حمدنا الله وإن لم يأتِنا (والأرجح لن يأتينا) أيضاً سنحمد الله لأنهم سمحوا لنا أن نطرح أسئلتنا!
عندما تحاصر الاتهامات شخصاً ما في موقع ما، ولا يعود أمام الجهات المعنية إلا الاستجابة لنبض الناس، فهل الحلّ أن ننقل هذا الشخص من هنا إلى هناك ونكتفي بتغيير (الطربوش) الذي يرتديه؟
أي دور لمن (دقّوا على صدورهم) وقالوا إنّهم سيكونون صوتنا في مواقع المسؤولية (من مجلس البلدة إلى مجلس الشعب)، وماذا فعلوا من أجلنا، أو ماذا بإمكانهم أن يفعلوا وقد تحوّل الخلط بين السلطات إلى تغيير ترتيبها بعض الأحيان؟
سنتفق على عدة نقاط:
* المواطن في مواقع كثيرة لا مبالٍ، ويسيء بشكل أو بآخر إلى الخدمة المقدمة له.
* المواطن (محتال) إن دعت الضرورة، وقد يقدّم مصلحته على كلّ شيء في بعض الأوقات.
* المواطن أناني أيضاً، فلا مشكلة لديه إن اخترق طابور الانتظار من أجل أن يحصل على خبزه قبل غيره.
* المواطن اتكالي في كثير من المطارح وينتظر من المؤسسات الخدمية أن تفعل كلّ شيء من أجله وأن تقدّم له (الأركيلة) وكأس الشاي.
* ينظّر المواطن في المثاليات ويليق به ثوب (النقّ) وكثيراً ما يشتم الزمان وكلّ ما حوله حتى دون أدنى معرفة لحاله أو لمحيطه.
وقد يكون المواطن أكثر من ذلك، وقد يصل إلى حدّ (الإجرام)، فهدر المياه جريمة، وكذلك الكهرباء وغير ذلك..
ولكن هناك أيضاً:
* المواطن يعيش أقوى درجات الانتماء لبلده ويفتديها بكل ما هو غالٍ ونفيس، وهل هناك أغلى من الروح والولد؟
* المواطن غيور على بلده، وعلى كلّ ما هو سوري، وهل هناك أدلّ على هذا الشيء من امرأة باعت خاتم زواجها من أجل دعم الليرة السورية في السنوات الأولى من الأزمة!
* المواطن السوري (آية) في الصبر والتحمّل، وما عاناه من ضيق ذات الحال ومن فقدان بعض السلع أو نقصها، ومن تردّي مستوى الخدمات المقدمة له يؤكد ذلك.
* المواطن السوري بارع في التعامل مع أي طارئ، والدليل أنّه ابتكر وسائل معيشة لم تخطر على بال (الجنّ) أثناء سنوات الحرب.
* الإنسان السوري قبل كلّ شيء هو إنسان محبّ للحياة، لم يترك أرضه يوماً ولم يترك مدرسته أو جامعته يوماً..
هذا هو المواطن، فماذا عن الطرف الثاني من المعادلة (الوطن)، وحتى لا يكون هناك تصيّد بين السطور نبدأ بالتفريق بين الوطن ومن يدير مؤسسات الوطن، فالوطن هو برموز سيادته: (الدستور، الأرض، العلم، النشيد الوطني، الجيش، المؤسسات السيادية، ورئيس الجمهورية) ولا خلاف على أي من هذه الأمور ولا اختلاف عليها، أما الجزء الآخر من هذا الوطن فهو مؤسساته الخدمية والإدارية والقضائية والإنتاجية والاستثمارية والتجارية . . إلخ، ومن يديرها، وهنا أو من هنا يبدأ النقاش وقد يبدأ التباين، وهذا ما سنأتي عليه تباعاً تحت هذا العنوان باستمرار..
المواطن بين الدور والحقوق، والوطن الأب ومسؤولياته تجاه أبنائه، وحالات على شكل غيوم متفرقة حيناً ومطر غزير أحياناً أخرى، والساحة هي كلّ مكان نتواجد فيه، أما العنوان فهو مستقبل سورية والذي لا ننتظره إلا مشرقاً واضح المعالم.
غانم محمد