العـــــدد 9508
الأربعــــاء 15 كانون الثاني 2020
لا بد لإدارة التطوير والتنمية من أخذ أغلب المعطيات المستقبلية بالحسبان أثناء القيام بعملها مع التركيز على تفعيل وتنمية إدراك الفرد وتفجير الطاقات الكامنة في داخله واختراقه لحاجز الخوف من المستقبل وتحسين مستوى معيشته وتأمين مستلزمات حياته الأساسية ليتمكن عندها من المشاركة بالبناء الحضاري لبلده، وتُبنى فعلاً عملية تنشيط الإدراك على قواعد أسس ثلاثية السيادة تتلخص في الانتماء إلى بيئته المكانية وتنشيط انتماءه إلى عروبته إضافة إلى الإبداع في المحبة بالتمرد على الأنانية والعمل من خلال روح الفريق الواحد وتنشيط فكرة مبدأ المشاركة ليستطيع المرء استقراء معطيات الحاضر ومحاولة التنبوء بأحداث المستقبل والتخطيط للقادم من الأيام.
يُعرف مصطلح التطوير بأنه التحسين ويتمحور تعريف إدارة التطوير في أنها مجمل الفعاليات والأنشطة الفكرية والمادية لقيادة عملية التحديث والوصول بها إلى تحقيق الأهداف المنوطة وفق إدارة قادرة على ما يلي:
* مناقشة الفكرة الأساسية وتحديد الأهداف المطلوبة.
* وضع الخطة الاستراتيجية لعملية التطوير.
* إقرار الخطة التنفيذية وفق برنامج زمني متوافق مع الميزانيات المالية، مع تحديد حجم القوى البشرية اللازمة لذلك.
* تقييم عملية التنفيذ ومراقبتها وإعادة توجيهها بما يتفق مع المعطيات التنفيذية.
* تنفيذ التوسعات الملحوظة في الخطة الاستراتيجية لعملية التطوير.
تتجلى أهم وسائل عملية التطوير في البحث العلمي المعتمد على قيم العلم والمعرفة والإبداع التكنولوجي القائم على استنباط كل الحلول المناسبة لمختلف القضايا وحماية البيئة من خلال التركيز على إدخال مقومات الحماية في مختلف القرارات التنموية وشتى مراحل عمليات التصنيع والتشغيل، وحتى عهد قريب فقد كانت التطورات العلمية والتكنولوجية تحدث دون النظر إلى تأثيراتها البيئية رغم أن الإنسان هو جوهر القضية ومحور الهدف كونه القادر على ابتكار الحلول للمشاكل التي تواجه عملية التطوير وهو الذي يضع خطط التطوير البيئية المبنية على معاني الحداثة بمراحلها المتعددة.
من الملاحظ أن مقومات التطوير تتجلى في توفر المخصصات المالية المناسبة لتغطية نفقات ومتطلبات هذه العملية إضافة إلى إتقان رسم خطط التطوير بمهنية ودقة عالية وإصدار التشريعات التي تُسهل وتُنظم سير هذه العملية وضرورة تحفيز الموارد البشرية ذات المستويات العالية في مجالات البحث العلمي والميدان الصناعي مع الاهتمام بنشر أُسس المعلوماتية ومبادئ التقنيات الرقمية على نطاق واسع وإبداع تكنولوجيات متقدمة ومتخصصة لخدمة المجتمع وفائدة الإنسان ورفع مستوى رفاهيته وتطعيم مراكز البحث العلمي بذوي الخبرات المبدعة وإعطائهم الفرصة الحقيقية للعطاء والإبداع.
إن التركيز على الاستمرار في عمليات التطوير على مختلف القطاعات الاقتصادية والصناعية والخدمية يعود بالفائدة المُثلى على المستوى الاجتماعي والإنساني ويُقلل من أثر الأخطاء الشخصية ويُساعد في التصدي لمحاولات التمزيق الحضاري المدروس وسُبل الاختراق الفكري الممنهج ويُرسخ مفهومي العلم والمعرفة فالإنسان يُولد في بيئة مكونة من مواد وظواهر و يحاول بفطرته اكتشاف أثمن أسرار أغوارها مكتسباً المعرفة شيئاً فشيئاً والتي تزداد مع مرور أيام العمر، ولا بد من الإشارة إلى أن العلم هو معرفة ناتجة عن الملاحظة والدراسة والتجريب ومتخصصة بموضوع ما وهدف محدد بينما المعرفة هي معلومات عامة عن الظواهر وتُعد أوسع من العلم وسابقة له.
د. بشار عيسى