المثقّف المحرّض

العدد: 9502

الثلاثاء: 7-1-2020

 

تعالى الصّياح في المقهى بين خصمين لدودين، وانقسم الحاضرون كضفّتيّ نهرٍ إلى فريقين، ليمتدّ الشّجار دون معرفة الأسباب، والنتيجة عدّة إصاباتٍ انطلق بها الإسعاف السّريع.

أمّا الباقون فتمّ نقلهم إلى جهات متخصصّةٍ بالاستجواب والغريب في الأمر أنّهم هم من طلبَ الاستعانة بالتحقيق، لتنطلق في الهواء عبارةٌ هي كالغيمة: «ليس لنا علاقة»، لكنّها فروسيّة المقاهي!
حظّي العاثر قادني إلى أنْ أكون من بين المتّهمين، ولأننّي بشهادة الشّهود، لم أكن طرفاً بين هذا أو ذاك، فقد تمّ توجيه اتّهامٍ رسميّ لي بالتحريض، وتغريمي بالخسائر الماديّة الّتي لو عشتُ عُمْراً إضافيّاً أجمع فيه مبلغ الغرامة لما استطعت؟! توجّهت إلى صاحب المقهى مستفسراً؟ فقاطعني كما تقطع السّاعة ثوانيها بقوله: أنتم المثقّفون دائماً تحرّضون ولو بريشة طائر.
أمّا نحن فنتخاصم ونتصالح، ونجيد طقوس الكَرم الّتي تصل إلى الموظّفين وأصحاب الحَلّ.
فما كان منّي إلّا أنْ استخدمت كُلّ توسلات المقهورين، ولكن من دون فائدةٍ.
أخيراً جمعتُ الأطراف المتخاصمة على وليمةٍ تُحرّكُها أمواج الطّعام بما لذّ وطاب، معلناً من خلالها النّأي عن ارتياد المقاهي وأشباهها، مع تقديم الخدمات المنزليّة لبيتي والّتي شملت الكنس والطّبخ ونشر الغسيل.
إلّا أننّي تعرّضتُ بعد مُدّةٍ لاتّهامٍ من نوعٍ آخر، وهو :
«التحرّيض المثقّف» للزوجات على الأزواج في حمل أعباء الخدمة المنزليّة ممّا اضطرّني للبحث عن مقهىً أكون طرفاً في منازعاته، علّني أنجحُ بمشاجرةٍ داميةٍ أنزِلُ فيها عبء المثقّف عن كاهلي.

سمير عوض

تصفح المزيد..
آخر الأخبار