فوضــى وعشـــوائية وغـــياب رقابــــــة.. ســـــوق الجــــمعة.. اســــتغلال لحاجــة الناس للحــصول على الأرخــص

العدد: 9501

الاثنين 6-1-2020

 

يشغل سوق الجمعة مكانة مهمة في مدينة اللاذقية وخاصة لدى مجتمعنا الشعبي وأهمية هذا السوق تأتي من خلال حالة اجتماعية تختلف عن باقي الأسواق في المحافظة من حيث ارتياد الناس الكثيف له وهو ما يؤكد الحاجة لإعداد تقديم دراسة مضمونة لحل مشكلة العشوائية في تنظيميه في المنطقة الحالية والتي يقوم عليها السوق وهي بداية شارع الحسيني وحتى شاطئ الشاليهات الجنوبية، وأمام هذا الواقع هل يعد سوق الجمعة من الأسواق التقليدية ومنطقة للبيع والشراء حيث اعتاد الناس على زيارته لمرة في الأسبوع وهل من تطوير لهذا السوق بمرور الزمن كي يصبح له قوانين وأعراف متبعة تحكمه؟!
تقاليد سوق الجمعة
لدى الاطلاع على أرض الواقع لسوق الجمعة نستطيع القول بأن السوق مهمش ولا أحد يريد أن يعترف بذلك، ففي السوق تقع عينك على كل شيء يخطر ببالك أو لا يخطر من أدوات استخدمتها في الطفولة ونسيتها وكل الأجهزة التي مرت معك عبر الحياة وتجاوز استهلاكها، ففيه تباع الخرداوات والكتب النادرة والمخطوطات والوثائق والتي حاولنا خلال زيارتنا للسوق أن نقف على مضمونها ونضع ملاحظاتنا على بعض الجوانب السلبية والإيجابية ضمنه ونسلط الضوء على جزء من الأسواق الشعبية الهامة والتي أصبحت شبه تراثية.
فلم يعد سوق الجمعة حكراً على أصحاب البسطات بل بات ظاهرة شعبية يستغلها حتى أصحاب البسطات التجارية والموبيليا والألبسة والأحذية والأدوات المنزلية التي تأخذ مكانها في السوق تحت أشعة الشمس والأمطار وهي تستعد لتلبية حاجات مرتادي السوق يوم الجمعة فقط،، ومن الملاحظ أيضاً بأن السوق يمتاز حتى بالسلع الغذائية والالكترونيات وبعض الطيور والسجاد.
ومع الحديث عن سوق الجمعة كانت لنا وقفة مع بعض مرتادي السوق وبعض أصحاب من يقوم بعملية البيع ضمنه.
* حسين عروق أكد أن ما يحتويه سوق الجمعة من بضاعة وغيرها من المواد الغذائية والسلع هي رخيصة نوعاً ما مقارنة بالأسواق الشعبية داخل المدينة ويرى بأن وجود سوق الجمعة على اعتباره شعبي يتناسب مع الدخل المحدود للأسرة وخصوصاً في ظل الارتفاع الذي طال أغلب السلع والمواد، ويقول أنا أتردد بشكل أسبوعي إلى هذا السوق ولكن وجوده في منتصف الطرقات أمر غير مقبول نهائياً، فقد بات هذا السوق بشعبيته ووجوده غير منطقي فهو مكان يجمع مختلف نماذج المجتمع تقريباً سواء من الباعة أم المشترين.
* علي عموري: نستمتع كما يستمتع الكثيرون بالذهاب إلى سوق الجمعة لنجد كل ما نحتاجه فيها بأسعار مناسبة وهذا السوق الشعبي مؤقت ليوم واحد في الأسبوع فقط فترى فيه كل ما يخطر على بالك من ملابس وأحذية وأطعمة وكتب وتحف وأدوات منزلية وغيرها، حيث يعتبر هذا السوق غير متطور ميدانياً بسبب عدم اهتمام المعنيين بتنظيمه وفقاً للأسواق المؤقتة، لذلك لابد من تطويره كونه يعتبر من الأسواق الشعبية الشهيرة في المحافظة علماً أن الطابع المسيطر عليه هو الطابع الشعبي.
* وبدورها قالت خديجة عوض: يعتبر سوق الجمعة من أقدم الأسواق الشعبية في المحافظة ما يجعله أحد أكثر الأماكن جاذبية لكثير من شرائح المجتمع كونه يباع فيه السجاد والملابس والهدايا والتوابل والسلع والمواد الغذائية وغيرها، إلا أن موقعه لا يصلح للسوق الشعبي كونه لا يخضع للأسس والضوابط وآليات العمل القانونية المعترف بها، مؤكدة أن غياب الرقابة التموينية والصحية يتيح بيع الكثير من المواد الغذائية التي قد تكون منتهية الصلاحية أو غير مدون عليها المدة، داعية القائمين على هذا السوق بالعمل على توحيده وتوزيعه حسب السلعة أو البضاعة مع وجود رقابة عامة عليه، لكونه يشهد إقبالاً شعبياً مميزاً كل أسبوع باعتباره من الأسواق الهامة في المدينة.
* محمد شموط يقول: سوق الجمعة عبارة عن حياة اجتماعية وتجارية مهمشة لا تخضع لنظم البيع والشراء فمن المعروف أن كل يوم جمعة يقام سوق شعبي في المنطقة الواقعة عند الشاليهات الجنوبية وهي تبدأ منذ فترة الصباح الباكر وحتى فترة بعد الظهر، وهذا السوق الشعبي عبارة عن حياة اجتماعية بسيطة لكثير من شرائح المجتمع تعكس جانباً مهماً في طبيعة المجتمع حيث يجد الكثير من المواطنين الراحة في التعامل مع هذا السوق نتيجة انخفاض أسعاره مقارنة مع الأسواق داخل المدينة، ولكن منذ فترة طويلة بقي هذا السوق مهمشاً من دون وجود أي تعديل أو اهتمام من قبل الجهات المعنية وخاصة البلدية حيث لم تغرس أي شجرة يمكن أن يتظلل بها بائع من حرارة الشمس أو أن تقي بضاعته من التلف والفساد كما ولم يتم وضع أي مظلة لتقيه وبضائعه من الأمطار حيث يضعها في العراء مكشوفة لتقلبات الجو والسوق ليس به أكشاك أو بناء أو حتى مظلات وعند الذروة يزداد السوق فوضى وتجاهل وسط مرور السيارات والآليات والدراجات الآلية التي تدخل بين المارة والبسطات والبضائع المفترشة على الأرصفة والشوارع.

إيجاد مساحات بديلة
يأتي سوق الجمعة انطلاقاً من تقاليد قديمة والذي يعتبر نافذة للتبضع والتسوق وهو محطة لشريحة واسعة من الناس لذلك يجب استخدام أرض للسوق بشكل منظم لتكون أداة لعملية الترويج وحتى يستمر هذا السوق التقليدي الذي أصبح تقليداً أسبوعياً يأتي إليه باعة من مختلف المناطق والمحافظات.
يفيد عدد من البائعين في سوق الجمعة بقولهم: لا أحد يريد أن يكون هناك سوق جمعة شعبي ليوم واحد لكن لو تمت زيارة المنطقة التي يقع عليها السوق من قبل الجهات المعنية فإنه حتماً سيتم التفكير بإنشاء البديل، متسائلين لماذا لا تقوم بلدية اللاذقية بالعمل على إعطائنا أرضاً أكثر اتساعاً وتنظيماً وتكون مكاناً جيداً لإقامة أسواق شعبية مؤقتة وفقاً لشروط محددة، فدائماً تكون الأسواق البديلة عبارة عن شوارع وليست أماكن مخصصة للغرض المنوط بالأسواق ونحن كباعة لجأنا في هذا السوق إلى البحث عن حلول جذرية لكن دون جدوى، مضيفين نتمنى من الجهات المعنية النظر إلى أحوالنا وإيجاد حل سريع لهذه الظاهرة.
أحد البائعين قال: تقوم البلدية باستيفاء كافة الرسوم والضرائب المتعلقة بهذا السوق المؤقت ولكن لا يوجد أي تنظيم له فغالبية أسواق الجمعة غالباً ما تكون ضمن الشوارع المخصصة لمرور السيارات ومن المعروف حالياً بأن سوق الجمعة يقع في منطقة مكونة من شارع وغير مخصصة للغرض المنوط بها، وبما أن هذا السوق له ناسه وشعبيته فقد أصبح تراثاً يتمتع به الكثير من المواطنين فلابد من وجود لجان تهتم بتنظيمه وتسيير أحواله، فهل يعقل أن يتم عرض البضاعة شتاءً تحت هطول الأمطار ولا شيء يحتمى به وصيفاً تحت أشعة الشمس، فهل يوجد بديل لأسواق شعبية حقيقية وليست وهمية مهمشة..؟!
غالبية من التقيناهم من باعة كانوا ذوي ثقافة محدودة وبسيطة ولا تقبل المجازفة أو المغامرة فالبائع يتمسك بالقديم لأنه يضمن بيعه ويعرف زبائنه فهي سلعة مقبولة اجتماعياً.
عشوائية عرض البضائع
بالرغم من توفر أغلب متطلبات الحياة اليومية والمعيشية في ذلك السوق فإن ملاحظات كثيرة تعتريه وفي مقدمتها عدم التنظيم والعشوائية والفوضى إذ لاحظنا التخبط في عرض البضائع إلى جانب الزبون، فالسمون والخضار والمنظفات والحلويات وغيرها إلى جوار بعضها البعض وغالباً ما تكون هذه المواد رديئة، والكثير من أطعمة الأطفال منشورة على الأرض وبعضها منتهي الصلاحية أو بقي من صلاحيتها عشرة أيام إلى شهر.
والمواد الغذائية التي لاحظناها مكشوفة ما يجعلها عرضة للتلوث وفساد قيمتها الغذائية وخاصة أن السوق يعج بالغبار نتيجة الازدحام البشري والمروري لحركة السيارات ولفت نظرنا رداءة بعض البضائع وارتفاع سعرها نوعاً ما مقارنة بالمحال التجارية وهنا يبدأ كما يقال (البازار) بتحديد السعر النهائي لأي نوع من البضاعة، فما أنواع هذه البضاعة وخاصة الألبسة منها فهي مجهولة المصدر ولا تحمل البطاقات التي تحدد سعرها ونوعها وبلد المنشأ عادة كما هو الحال في المحال التجارية ضمن المحافظة وضمن الأسواق الشعبية الموجودة فيها.
كما توجد أنواع من العفش المنزلي والأدوات الكهربائية وقد تكون جيدة أو غير ذلك لكن لا أحد يعرف مضمونها الحقيقي حيث أن لا كفالة لها وربما البائع الذي باعها اليوم لا تجده في الأسبوع القادم وسواء كانت هذه الأجهزة مستوردة بأسعار بخسة أم مصنعة محلياً وغير معروفة كالأجهزة التي تستخدم في فصل الشتاء كالدفايات التي تعمل على الكهرباء وغيرها إذ يوجد بها عاهات لا يمكن للمستهلك معرفتها إلا عند الاستعمال.
وهناك غلايات القهوة والشاي والتي لا تحمل أي علامة تجارية وغير معروفة المنشأ وهو الأمر الذي يجعل المسؤولية عنها موزعة بين البائع أولاً والمواطن ثانياً، فالمواطن عليه التأكد من سلامة ما يشتريه ووجود ماركة فعلية له وبطاقة تعريف مدون عليها طريقة التشغيل ومراكز الصناعة والبائع الذي يتوجب بيع المادة المعروفة المصدر المضمونة الاستعمال وذات السعر المناسب وهو الأمر الذي لا نجده في السوق، حيث لا رعاية للمستهلك ولا استقرار للمخالفين ولا رسوم للباعة ولا ضرائب للبسطات، وهنا يغرق السوق بمنتجات لا طعم لها ولا مواصفات واسم منتجها مجهول والتعاطي معها مغامرة لا تؤمن عواقبها لأنها لا تخضع لأي رقابة ولكن انخفاض أسعارها يجعلها قبلة لأصحاب الدخل المحدود.
وفي الختام
أمام واقع آلية البيع والشراء في تلك الأسواق المؤقتة فهل يتم إيجاد نظام معين ليحكم هذه الأسواق في ظل وجود الكثير من البضاعة المقلدة والمغشوشة والتي تباع بأسعار رخيصة على اعتبار أنها ماركات معروفة، كما أن عملية البيع والشراء تمارس دون رقابة عليها وهي الأمور التي تؤكد على ضرورة إصلاح هذه الأسواق الشعبية وخاصة التي تفتح ليوم واحد أو لفترة وجيزة لضبط الأدوات التي تعرض ضمنها والتي لا يستفاد من بعضها حتى كنفايات قابلة للتدوير.

بثينة منى

تصفح المزيد..
آخر الأخبار