اشتياق الضـّـياء

العدد: 9499

الثلاثاء :31-12-2019

 

ها هي حصى الأيّام يغسلها المطر ليعيدَ إليها بهاءَ الزّمان الّذي تقلّب وتبدّل فغيّرها وبدّلها فأضحتْ ملساء ناعمة تعكس الضّوء إذا ما سقط عليها وحَطَّ ليعيدَ نفسه بصورة أخرى ويحمل معه عبر ارتداده وانعكاسه من الحجر بعض الأفكار التي تمدّنا ببعض حياة وبعض أمل, إنّه لجميلٌ أنْ نعلم أنّ الحياة مدرسة ويبقى هذا الكلام مدرسيّاً إنْ لم نعمل على ترجمته فعلاً بعد إشباعنا به قولاً وتغنّينا به ضَرباً كمثلٍ من الأمثال الّتي تختصر الحياة وتجارب الشّعوب بعبارة مختصرة.
هو الضّوء السّاقط اسماً والطّالع حقيقة لأنّ الضّوء يسطع ويطلع ولا يسقط أبداً، هو الضّوء الّذي ينبعث من أعماق أنفسنا التي تشعّ فرحاً وابتهاجاً بالحياة فيعكس رؤانا وآمالنا فتضجّ الجداول فرحاً وتصفيقاً لتقولَ لنا بُوركتْ أيّامكم وهنيئاً لي بكم أنْ كنتُ بعض سعادتكم وأنْ كنتُ رفيقة فرحكم.
هو الضّوء الممتدّ أفقاً لا محدوداً ولا نهائيّاً يبعثر نفسه وينشر فرحه في كلّ حدب وصوب ليبدّد عتمة الطّرقات ويفتح شبابيك الفرح ويُعلي سقف الأمل ويمدّنا بطاقةٍ تُجدّد فينا العطاء فيضجّ فينا الوفاء للأحبّة الأوفياء وللأصدقاء، حيث لا معنى للحياة بلا ضوءٍ يُسلّط نفسه علينا ويأخذنا إلى عوالمَ جديدةٍ وآفاقٍ بعيدةٍ تُرينا كلَّ جديد وتمنح الإنسان عمراً مديداً مليئاً بالأمنيات الّتي انطلقت من ضوء الأمل.
فيا ضوء المحبّة أنرْ دروبنا بالفرح واجعل قوس قزح خيمةً فوق رؤوسنا يبثّ فينا بعض اشتياق وبعض ضياء، يُظللنا بألوانه من حرّ العداء وجمر الكراهية، ويا ضوء المحبّة اقتحمْ عتمة الّليالي ولو بخيط رفيع أو شعاع، وانثرْ نجماتك في السّماء لننسجَ منها ثوب فرح وابتسام.
ولأنّه اليوم الأخير في هذه السّنة الميلاديّة فإنّي أُجمل القول بأنْ أُعلي الصّوت على الملأ وأقول هنيئاً لكَ أيّها الّذي أدركَ منبع الضّوء في نفسه ففتح نوافذ الحبّ وشرّعها وأطلق سفنَ الحبّ تمخر عباب البحر حاملةً رسائلَ الحياة وتقول لكلّ كائنات الحياة الّتي تنتظر على الشّطوط ترتقب الأفقَ: اشتقتُ إليكِ اشتياق الفجر للضّياء.

نعيم علي ميّا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار