الأمطـــار.. ضيـــف «ثقيل».. المتضــرر جزء من المشــــكلة والحــلول لا تحتــاج استشــــارة

العـــــدد 9498

الإثنين 30 كانون الأول 2019

كوجهين لعملة واحدة، تحاصر الحرائق والأمطار المزارعين في معاناتي الصيف والشتاء، وبينهما قاسم مشترك هو (المتضرر) الذي يكرر شكواه من الأمرين، وبنفس الوقت يعارض أي حلّ، والأسوأ من هذا كلّه أنّ الجهات المعنية تتعامل مع الأمر كمن ذهب إلى الجامع فوجده مغلقاً، فقالك الحمد لله جاءت من الجامع لا منّي!
منذ أسبوع تقريباً، والأمطار في اللاذقية وطرطوس لم تأخذ استراحة إلا لوقت قصير، كميات كبيرة من الأمطار عجزت الأراضي عن ابتلاعها، فراحت هذه المياه تفتّش وتبحث عن مجرى يقودها إلى البحر غير آبهة إن دخلت بيتاً بلاستيكياً أو جرفت تربة أو قطعت طريقاً أو تسببت بانهيارات، فهي تكمل دورتها في الحياة، وتعود إلى الرحم الذي خرجت منه ولن يقف بوجهها أي عائق، تماماً كما فعلت حرائق الصيف الفائت والتي جرفت بدربها كلّ ما هو أخضر ويابس!
أين المشكلة، ولماذا لم يكن يحدث هذا الأمر قبل عقود من الزمن، أو على الأقل لم يكن المشهد بهذه القسوة؟

قبل جيلنا، كان هناك جيل مقتنع بما قسمه الله له من أرض ومن رزق، فبقيت الأودية وجوانبها ملكاً للريح والمطر والماشية ترعى فيها، وكانت مياه المطر تعرف طريقها إلى هذه المجاري بيسر وسهولة، ونادراً ما كانت تغرق الأراضي بهذا الشكل، أما الآن، فقد تعدّينا على هذه السواقي والمسيلات المائية الطبيعية، ولم تنجح البدائل باستيعاب كميات الهطل رغم كلّ الإجراءات والتدابير، بل أن قسماً كبيراً من ملّاك الأراضي المجاورة يلقون بقايا أراضيهم في قنوات التصريف المطري ويقنعون أنفسهم أن مياه المطر ستجرفها وتريحهم من عناء تعزيلها، وينسون أو يتناسون أن ما ألقوه سيكوّن سدّاً بوجه المياه المتدفقة ويحوّلها إلى أراضيهم فيغرقها!
خطأ هندسي أيضاً وقع به منفذو قنوات الري أو قنوات الصرف المطري وهو إنشاء حوافٍ حول هذه القنوات أعلى من مستوى الأراضي المجاورة، الأمر الذي اضطر قسم كبير من أصحاب هذه الأراضي إلى تمديد شبكة تصريف لأراضيهم كلفتهم الكثير، ومن لم يقدر على هذا الأمر حيّد أرضه عن الزراعة الشتوية، وساهم في ضرر أرض جاره!
بعد كلّ ريّة (أو عاصفة، ونستغرب لتسميتها عاصفة معه أنها لا تصل إلى نصف قوة عواصف الثمانينات، إلا أنّ ضررها الآن أكبر بكثير للأسباب التي أشرنا لها سابقاً)، ستكون هناك لجان حصر أضرار وربما قرارات تعويض، وكثير من التعاطف مع المزارعين…
اجمعوا المبالغ التي توزعونها كلّ سنة بسبب الأمطار، ألا تكفي يا ترى لإنجاز حلّ حقيقي يقلّص هذه الأضرار إلى أكثر من النصف، أو ربما يلغيها كلياً!
ولأننا بدأنا الحديث عن المطر والنار، فإن الحلول التي تقلل من خطرهما لا تحتاج إلى موافقة صاحب أرض قد تقتطع طرق النار أو قنوات التصريف بضعة أمتار من أرضه، هذه الإجراءات مصلحة عامة، ولا شيء يقف بوجهها إلا عدم وجود الرغبة بإنجازها..
نستغرب، بل ونشجب أن يتواجد المسؤول على رأس المشكلة شاهداً في كلّ عام ولا يكون شاهداً على حلّ نراه بسيطاً وضرورياً، ونكرر إننا نتحدث عن الحرق والغرق!

غــانــم مــحــمــد

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار