العدد: 9497
الأحد: 29-12-2019
ومضى عام آخر وصارت أيامه صوراً وحكايات على شريط الذكريات يحفظها كل منا في صندوق دنياه الخاص ويستعد لتصوير شريط آخر جديد مع بداية العام القادم، في وطني المخضب بالجراح على مدى الأعوام الماضيات يتشارك الناس قصة واحدة مؤلفها وكاتب حبكتها حرب فرضت نفس السيناريو على الجميع، وتكرمت بهامش حرية لأبطال قصتها المفروضة عليهم يستطيعون من خلاله تغيير مجريات الأحداث في بعض التفاصيل هنا وهناك ليبقى الألم هو القاسم المشترك في قصص الجميع مع نثرات من كوميديا سوداء تجبر الشفاه على ولادة عسيرة لابتسامة مزاجها الدمع، تقلصت مساحة الحلم في تناسب عكسي مع توسع رقعة الحرب وانكمشت آفاق الأماني حين تمددت جدران المنايا حتى لامست الصدور، دخان الحرب وغبار بارودها أعمى البصائر قبل الأبصار ومواكب الجراح المكللة بالسواد أضحت مشاهداً اعتيادية يتابعها الجالسون على مقاعدهم في المقاهي بينما تنحبس أحجارهم في خانة (اليك) على طاولة النرد، هي سُنّة الحرب التي تجعل الحلم في أقصاه دفئاً يكلل أطفالاً أعياهم القر وتجعل أقصى الأمنيات عودة المخطوف وفك الأسير وشفاء الجريح وتتسلل الأعوام كالرمل من بين أصابع العمر فلا نشعر بانقضائها أو قدومها وكأن الزمن يتوقف في محطة الحرب بينما يتابع المشيب سيره في الأرواح قبل الرؤوس.
هذا العام اختلف عن سابقاته بدقه ناقوس النهاية للحرب وآلامها، الجندي العربي السوري انتزع القلم من يد المؤلف وخط بمداد دمه نهاية النزف، في هذا العام هلت أقمار عيد الأضحى مواكباً للشهداء القادمين من تخوم ادلب وضاق الطوق على أصحاب الرايات السود باختلاف ألوانها، في هذا العام حيا المسيح على الصليب في عيد ميلاده مواكب النصر الزاحفة إلى معرة النعمان، في هذا العام كبر الحلم وتقلصت رقعة الحرب تمددت الأمنيات وانكمشت جدران المنايا، جراحهم بلسمت الجراحات ودمهم أوقف النزيف وعلى أبواب ادلب يقفون متحفزين بانتظار الإشارة ويقف خلفهم ملايين السوريين على أبواب العام القادم متكئين على أحلامهم الكبيرة الواعدة وأمنياتهم المتمددة الجديدة، في العام القادم سيغلق كتاب ويفتح كتاب جديد وستغلق يد العمر أصابعها على رمل الأعوام، سيتحرك الزمن ثانية ويسبق المشيب وستضحي محطة الحرب فصلاً في شريط الذكريات.
رجال الشمس وصناع النصر بوارق الأمل وحماة الحلم والديار كل عام وأنتم بألف خير.
شروق ديب ضاهر