الأحد 29 كانون الأول 2019
العــــــــــــــدد 9497
يبدع أصحاب الشأن مشكورين, وينجزون معاملات قبض الرواتب للموظفين قبل عيد الميلاد، يعني قبل نهاية الشهر بأسبوع، ويركض الموظفون فرحين مهللين بين الصرافات لقبض رواتبهم حباً, وسعادةً, ولحاجة ماسة وصلت قبل وقتها, بل جاءت في وقتها!
في طرطوس، أمام المصرف العقاري كوتان مخصصتان للمتعاملين معه، الشاشة سوداء ميتة, ولا حياة لمن تنادي، داخل المصرف, وفي الباحة أمام كوى الموظفين لا ترى إلا ازدحام البشر، ينتظرون إنجاز معاملاتهم.
ازدحام شديد يمنع الوقوف, أو حتى إضاءة شعلة من أمل في القبض عبر موظف مختص هناك.
كل منافذ وكوى القبض التابعة للعقاري متوقفة حتى إشعار آخر، إلا نافذة المصرف الزراعي، هناك وبعد جولة سريعة على المنافذ المتوقفة، يصطف الرجال في صف يمتد, ويطول, والنساء في صف آخر!
لكن، ولأن الرجال قوامون، وللذكر مثل حظ الأنثيين، يحق لرجلين أن يقبضا مقابل امرأة!
المضحك في الأمر أن الرجل منهم يحمل بطاقته, وبطاقة زوجته – السيدة – التي أودعته عمرها وبطاقتها معاً, وبطاقة أمه ربما…
في صف النساء، وقفت امرأة عجوز أمامي، كانت تحمل بيدها بطاقتي صراف, مع الارقام السرية، ولا تعرف كيف تتعامل مع الآلة ،ساعدها متقاعد عجوز وقف في المكان, يقدم خدماته بالمجان لمن لا يعرف التعامل مع هذه الآلة المسكينة..
كانت العجوز أم لشهيدين، تقبض رواتبهما، هكذا قالت للمساعد المحب لله.
من يقف هناك بانتظار راتبه ليدفعه أجرة بيت, ومؤونة , وثمن الدروس الخصوصية لأولاده، ملعون.. هكذا صرح أحد المنتظرين بصوت مرتفع.
الهروب ثلثا الرجولة، هكذا صرحت لي نفسي الأمارة بالسوء، لكن لأسباب مشابهة لما قاله آخر الواقفين بالدور، كبست على أنفي البصلة المعهودة, وانتظرت بصدر رحب حيناً وبضيق أحياناً، ضيق يشتم, ويلعن التكنولوجيا التي لم نعرف حتى اليوم التعامل بها ومعها، ونحتاج لقرون ربما، فالمتقاعد العارف المتبرع ملَ, وهرب, وعليك أن تملي على كل شخص من الأشخاص المتتابعين السابقين لك بالوقوف تعليمات واضحة صريحة، شرط أن يقرأ..
لم يذهب تعبنا سدى فقد قبضنا ما تيسر من رواتبنا إلا ما عجزنا عنه, قبل أن يعلن الجهاز أمامنا أنه بات خارج الخدمة وعلينا بمراجعة نافذة أخرى..
في عيد الميلاد المجيد، مبارك العيد, والجهود الحثيثة لحياة مستمرة رغم المنغصات, والمنعطفات, والحواجز والمطبات.
كلنا أمل أن ينفض المصرف العقاري بطرطوس الغبار عن طرق تعامله ومعاملاته مع المتعاملين ليشبه مصارف العالم، والأهم إصلاح, وتصليح الآليات المعطلة دائماً وأبداً.
أمل نبثه عبر جريدتنا إلى المسؤولين عن المصرف خارج المحافظة، فقد قطعنا الأمل, ومللنا من أصحاب السيدة طرطوس, والأمر هنا.. على أن تقرأ الجريدة المحلية هناك, وتصل أصواتنا.
سعاد سليمان