العيد لنا مهما أغريتموه ببذخكم والتحيـّة الحقّ لرجال الله على الأرض

الأحد 29 كانون الأول 2019

العــــــــــــــدد 9497

 

اخلعوا قفازاتكم، دفء مساماتكم تكفينا، لا تغلقوا النوافذ، فالإحساس يتجاهل الزجاج وينفر منه..
هناك، في أقصى الحاكورة يقبع أمل، غطّى رأسه بنفسه كفطرٍ بريّ، فلا المطر يشوّه اصطفاف حراشفه، ولا الريح تبعثر أبواغه إلا في وقتها، ومع أنه لا جذر يضرب في الأرض ولا جذع قوي يحمله، فلم يخشَ الريح يوماً أو هابها، يؤمن بدوره رغم قصر عمره، وهو الأغلى على موائدنا.. هو هذا الأمل الذي ننتظره لا في هذه الأيام وحسب، بل في كلّ لحظة، وتقدر أن تقبع أملاً ولو عند أول درجة في الطريق إلى بيتك..
بإمكانك أن تكون بقوّة فطرٍ ضعيف، وبإمكانك أن تقرع كطبلٍ أجوف، وبين فطرٍ وطبلٍ ابحث عما يليق بك كإنسان . .
في أيام الأعياد ينهض الحزن من مقبرة القلوب، يتوّزع على الموائد كنادلٍ يطمع بـ (البقشيش)، ألا إنّها (الأعياد) مناسبة للحزن، نخرج فيها من ضياعنا إلى بساط الحقيقة، نتعرّى من مظاهرنا الخدّاعة لنرتدي ثوب اللحظة الصادقة، نراجع أنفسنا فإذ بها غرقت في المعاصي إلا قليلاً، والأكثر دهشة، أنّ بعضهم يقول واثقاً: يا ربّ سامحنا إن أخطأنا، وكأنه لا يعلم كم أخطأ!
مساحة العيد لا تتسع للمزيد من الكذب والنفاق، رجاء اتركوها لنا لنعيشها على مزاجنا ومع هدوئنا الداخلي، لستم قديسين ولن تكونوا، فاسحبوا مناشيركم، لقد سبّبت تلوثاً أخلاقياً قلّ نظيره، لا أحد يقاضيكم، لا أحد يحاسبكم، لكن اتركوا لنا بساطة اللحظة، لا تترفونا بسجلكم الذهبي في عام مضى، ولا تقدموا خطتكم السنوية القادمة من الدجل فلن نصوّت عليها ولن نطلع عليها، نعيش السلام في ذكرى ميلاد رسول المحبة والسلام، لكم عيدكم وأماكن اللهو (مكيّفة) ولا ترشح جدرانها كبعض المدارس..
ولنا عيدنا، لا نشغّل المدفأة إلا إذا كانت العائلة مجتمعة لننعم جميعنا بالدفء، وما بقي من وجبتنا لا نزيد به قمامة مدينتنا، فالدنيا شتاء والطعام يحافظ على صلاحيته بضعة ايام حتى خارج البرّاد، وقمّة فرحنا في العيد حين نحمد الله على نعمه الكثيرة علينا..
للذين ينتمون إلينا، ويؤمنون بقيمة وجودنا على هذا الكون الغريب بساكنيه، شمعة نوقدها رغم الريح، تضيء وتبثّ الدفء والفرح والسعادة..
وللذين يحاولون أن ينتزعونا من ذاتنا، من بساطتنا، من إيماننا ببلدنا جمرةٌ تقضّ حرير فراشهم وأجسادهم، (شوكة تقد) تدمي نظراتهم..
العيد لنا مهما أغريتموه ببذخكم، العيد لنا ولو قضينا ساعاته على ضوء (الموبايل)، ولن تسحره أضواؤكم . .
والتحيّة الحقّ، لرجال الله على الأرض، صناديد الجيش العربي السوري ولهم: تقدّست كلّ حبّة تراب مررتم فوقها، تقدّست الجهات التي أعدتم لها بوصلتها، أنتم عزّنا وكلّ فخرنا، لكم الله، وصدق دعواتنا، وقبل أن أقبّل يد أبي وأمي أقبّل جباهكم التي منحتنا الكرامة، ثروتنا الوحيدة في هذا القحط.

غــانــم مــحــمــد

تصفح المزيد..
آخر الأخبار