العدد: 9496
الثلاثاء: 24-12-2019
أيّامي درج الدهر عليها، يكفّنها الشوق بالأمنيات، وينمو على ذكراها فرح الفتوة والشباب.
يحملني إليها تلهّفي رغم أنّها تركتني نهب شجوني.. أفترش الفجر صباحاً وأتكئ على الغيم مساءً وما بين فجري ومسائي أظل عالقاً خلف توجّسي.
****
أعيد ترتيب الخطا، ثمة كوكب يحوم على شرفات الأرق، فيرهج الظل في كلكل التوق، وترتمي الشهوة في رهج الكهولة مثل طائر يحتطب الزمن.
مزامير الطفولة تدندن في مسمعي تشلحني هناك، على بيدرها (فأمّ حزينة) الماتت قديماً ما تزال هناك تكلؤنا برموش عينيها وتدعو لنا ونحن نلهو على حشيش بيدرها.
****
في حيرة من أساي وحزني أوقفت ذاكرتي على أرصفة الأماني حيث شبّاكها الأزرق يزقو في عتم الليالي الشتوية ويمدّ أذرعه لاحتضاني.
****
آخيت شقاءاتي وقلت للريح: دثّريني، أنا مجّرد رعشات توقوف في منابت غربتني.
أثقلت هدبي الخطوب وكاد عزيف الجهات يغويني فأصير إلى ضياع.
****
أحضرت دفتر العمر واستلقيت تحت مني سحابةٍ مناكدةٍ، فامتدّ وجعي امتداد الليالي الحبالى بالأنين، ورحت أوزّع مناديل وداعي.
رنت إليّ زبنقةٌ خجولة وقالت: في بدء الضوء تولد الريح، فدع طقس الحداد، وألق بهمومك إلى جسر الرماد، وارحل على جناحين من هيام وأنشدتني.
فما أطال النوم عمراً ولا قصر في الأعمار طول السهر.
أيقظني الرجوع إلى عينيك فخرجت من أجواء غربتي، وباح بالوجد بالمدى، وعلى ضفاف الأمنيات تركت شرفتي ترنو إلى الصباح.
لشرفتي عينان تبصر بهما وجناحان يمطران الأمل…
****
أفترش مساءاتي راسماً فرحة مصافحة الكفّين عند اللقاء، وأمسك رشتي وأسطّر بالعطور كلمات قصيدتي فيشعل القمر شموعه، ثم تتمدّد ريح ناعسة ويحطّ الندى على كتف وردةٍ.
كانت الأماسي كلّها تجدل ضفائرها وتتزين بأحلى لآلئها ثم ترسلها أضاميم محبة.
وأراني لسعادتي أكاد أذهب كالغمام في مداه.
****
فيما أيتها المنغرسة في أضلاعي… حبك كان البدء والبدء حياة.
فكيف استطعت نزع المسامير من نعشي؟
الآن فقط سأخرج من تجاعيدي وسأحمل كلّ هذا الحنين وأنطلق به إلى أقاصي الهديل وأغني لك هناك: نامي يا حلوتي كي يتداخل ما أراه بما لا أراه..
سيف الدين راعي