العدد: 9492
الأربعاء: 18-12-2019
على فسحة من أمل، تأتي الأعياد حاملةً معها ما يخصّب القلوب والأرواح من قيمٍ ومعانٍ كبيرة، وتجرف وهي تهدر في ضمائرنا ما رسب من آهات ومنغّصات، لننتقل إلى ضفّة أخرى من الحلم نتمناها خضراء العمل قبل الوعد، ومترعة الهمم لا الأقداح، فما نستحقّه كبير، وما يستحقّه وطننا منّا أكبر، ولا يتعارض هذا مع ذاك على الإطلاق، فعندما نقدّم لوطننا إنما نقدّم لأنفسنا، وما نفعله من خير لأنفسنا يصبّ في عين الوطن وقلبه..
غالباً ما تكون هذه (الانتقالات الزمنية) مجرّد نزع ورقة من أجندة معلّقة على جدار، أو تعبةٍ على مكتب، وأطنان من الورق الأبيض (على قلّته) لصياغة وتوزيع التقارير السنوية، وهي ذاتها تقريباً التي كتبناها في العام الماضي، وسنحتفظ بنسخة منها للعام المقبل، وكلّ ما نفعله أننا نغيّر بعض الأرقام والتسميات، أما من حيث المضمون فتكاد تكون هي ذاتها..
علينا أن ننتقل مع الزمن بفكرٍ يناسب ما استجدّ في حياتنا، وما زاد من أعبائنا، وأن نكون صادقين بالمطلق مع أنفسنا، وليس مهماً أن نرفع التقارير، أو لنقل بطريقة أخرى: لتكن هناك تقارير نقدّمها لأنفسنا وإن كانت مختلفة عما نرفعها لرؤسائنا في العمل، وأن نعمل على تطوير مفردات عملنا (دون أن ينتبه أحد لذلك) فيكفي أن يكون الصدق مع أنفسنا لنكون صادقين مع الجميع..
أيشفق الولد على أبيه وأمّه، أنا أفعل ذلك مع أمّي (سورية)، فقد عبثنا (نحن بعض أبنائها) بالحضن الذي تدللنا فيه، ورضعنا منه، وحين جاء دورنا تقاعسنا كثيراً، ولولا تفاني أبنائنا وإخوتنا حماة الديار في الذود عن ترابنا ومستقبلنا لاتهمنا أنفسنا بـ (العقوق)، لكنهم شفعوا لنا ببطولاتهم، وبجراحاتهم، وبدماء شهدائنا الأبرار، افلا نتصالح مع ذواتنا ونقف بخجل أمام عظمة ما يفعلونه من أجلنا، ونتهرّب في مطارح كثيرة من واجباتنا تجاههم!
عليك السلام يا بلدي، بأبنائك المخلصين، هم فقط من يستحقون العيد ضيفاً على أيامهم المقبلة وكل عام وسورية قائداً وجيشاً وشعباً وأرضاً بألف خير
غانــــــم محمــــــد
Ghanem68m@gmail.com