العدد: 9484
الأحد: 8-12-2019
أصغيــت إلى صديقي (ممدوح) المســكون بعشــق الوطن وهو يســــــألني أســــئلة متلاحقة كالموج المنسكب عنـــــــد أقـــدام المقهى البحري الذي نحتسي فيــــه قهــــــوة صبــــــاح نهــــــار الجمـــــعة الماضيــــة.
من طبع صديقي أن يسأل، ويجيب على أسئلته، وعليّ أن أنصت و أن أومئ برأسي بين الحين والحين ليطمئن إلى أنني أستمع إليه، وأكثر من ذلك، وليتأكدً أنني أشاركه قناعاته.
منذ زمن لم نلتقِ، كنا نلتقي على الهاتف دائماً، وكما قلت، كان عليّ أن أستمع طويلاً إلى شروحه وتحليلاته عن الحرب وعن حال الناس، وأخبار الجهات المسؤولة، وحال التعليم والزراعة وجهات أخرى، وفي النهاية، يسألني (هل أتعبتك؟!) وأجيبه (لا)، أنا من عليّ أن أشكرك، لأنك كسرت هذا الصمت الذي يسكنني في هذا الزمن الذي بتّ فيه غير قادر على تفسير ما يحصل، فأنا كما يقول النفّري: (كلما اتسعت الرؤية أمامي ضاقت العبارة).
في هذا الصباح، كان صوته مسكوناً بالعصبية وهو يسأل دون مقدمات: (قل، لماذا المسؤول في بلدنا يغمض عينيه وسمعه عن تلك المشاهد المؤلمة التي تكبر وتتسع لتغرق الوطن بوجع أشد قسوة وإيلاماً من قسوة الدواعش الذين يفتكون بأجسادنا، الفاسدون النابتون من فسوخ الواقع يقتلون فينا الجسد والروح والمشاعر والحلم والأمل، ويلونون أفق الحياة بسواد التشاؤم، لماذا يعمد بعضهم إلى التلاعب بقوت المواطن المسكين، تلاعبوا بنوعية المادة الغذائية وبوزنها وسعرها، بعض من في الجهات المشرفة يغمضون أعينهم عن القوي، وعن من كفه مفتوحة لهم، سؤال، لماذا الأسعار في كل يوم بارتفاع، في الأيام الأخيرة، تختلف أسعار السوق بين الصبح والمساء، يقولون إن جهات المراقبة تنظم ضبوطاً بحق التجار الصغار المخالفين، في هذا بعض الظلم، على تلك الجهات أن تبحث عن المصدر المنتج وعن التاجر الوسيط بين المنتج والتاجر الصغير، لماذا مجالس المدن تترك الحدائق مهملة، أظن، لأنها لا تشكل مصدر فائدة لهم، ولأن عمال بوصاية بعضهم -تنفيعة-، ماذا عن القمامة التي تتكوم على الطرقات وفي الشوارع وماذا عن البعوض والذباب الذي ينتشر في كل مكان، وماذا عن التلوث الذي نراه في مجاري الأنهار، ومناسيب الري في منطقة جبلة، وأين المكتب التنفيذي عن المتابعة، وأين جهات البيئة؟).
قلت لصديقي ممدوح، سأعتذر منك الآن، لأنني سأكتب مقالتي لصحيفة الوحدة، ظننت أنه سيغلق الهاتف، ولكنه سأل: لماذا أنتم جماعة الكلمة لا تكتبون عن هذا الواقع، لعل مسؤولاً هنا أوهناك يستجيب لكلماتكم التي باتت كالدعاء؟
سليم عبود