العدد: 9480
الاثنين: 2-12-2019
لماذا يهرب العالم من استحقاقاته ويرفض الاعتراف بما يستجدّ من وقائع على الأرض السورية، وإلى أي مدى سيستمر في تعاميه المزدوج (عدم تصديق فشله، وعدم قدرته على الاعتراف بالنصر السوري)، وهل فعلاً تتصور الإدارة الأمريكية أنها ستبقى قادرة على التحكّم بكلّ خيوط المشهد؟
آنَ للسياسة الأمريكية أن تعترف أنّها ليست الوحيدة على الأرض، وأنها لن تستطيع لا هي ولا أتباعها أن تقف بوجه إرادة الشعوب، وهي التي خرجت مدحورة من كلّ مكان تواجدت فيه، وآخرها سورية.
على الأرض السورية هناك ثلاث قوى رئيسية، هي وحدها القادرة على ضبط المشهد وهي الثالوث المقدّس في سورية: الجيش والشعب والقيادة، والباقي تفاصيل بعضها مساعد ومشجّع ومساند، والآخر معرقل ومتعلّق بالوهم، وليس في هذا تقليل لا لدور الأصدقاء والحلفاء، ولا تجاهل لمكر وأدوات وأهداف الأعداء، لكن تجربة السنوات الماضية تثبت ما نذهب إليه، وعلى الدوام كان هذا الثالوث مترابطاً، قوياً، صامداً..
خرجت القوات الأمريكية من الأراضي السورية لأن قادتها قرأت الموقف فقررت تجنيب نفسها الإهانة، لكن ساسة البيت الأبيض عادوا ليزجوا بأنوفهم في تفاصيل لا تعنيهم، فأوحوا عبر أذنابهم لتعطيل المناقشات الدستورية في جنيف، مخوّلة نفسها التدخّل بشؤون الشعوب وسيادة الدول دون أي رادع أخلاقي تحترم نفسها من خلاله.
ما يحدث الآن في سورية هو أنّ الدولة السورية تفي بالتزاماتها تجاه شعبها، وتعيد بسط سيادتها على كلّ شبر من أراضيها، وبذات الوقت تبحث في كلّ الأفكار التي من شأنها إعادة سورية إلى الواجهة حيث مكانها الطبيعي، ولم تضع (سلّة محرمات) إلا ما يتعرّض للسيادة وحقوق السوريين، وعلى هذا الأساس ذهبت إلى جنيف عبر وفد مدعوم من قبلها للتباحث بشأن تعديلات دستورية، ولكن وقبل أن تفعل ذلك أكدت أن الكلمة الأولى والأخيرة هي للشعب السوري الذي سيصوّت على أي تعديل دستوري محتمل.
غانم محمد
Ghanem68m@gmail.com