أصيد طائر كوليريدج

العدد: 9479

الأحد: 1-12-2019

 

 

نص واحد متقطع للكاتب أحمد م. أحمد الذي وقع كتابه مؤخراً (أصيد طائر كوليريدج) خلال حفل ضم الأصدقاء والمهتمين بالشأن الثقافي في طرطوس.
يهدي الكاتب نتاجه (إلى غير المصدَقين) ويبدأ بعدَ إخوته الذين نسي أسماءهم فيناديهم بألوان قبورهم: يا أحمر، يا بني، ويا أزرق . .
حين تقرأ نص أحمد م. أحمد ترى من خلاله لوحات سريالية، تمتزج فيها الألوان، الدم من سياط أو ذبائح، ولون البصاق، وتسمع بكاء المطر، وترى تصدع السماء، تمتزج الصور، وتختلط لنصل إلى قبر بلا لون، فيناديه: يا زحل . .
يدرَب الكاتب سعاله حتى لا يشبه سعال أبيه، وينتهي إلى حقيقة: كان علينا أن نتيتم لكي نكون صالحين لغابتنا القديمة..
في النص مقبرة جماعية، وقناصان عتيقان، وتدحرج للرؤوس، فيه مسلخ الأفكار المؤتمت، والرؤوس حبات سبَحة حول خيط العدم، ويعترف: يداي ملطختان بدم أنثى اسمها الحياة . .
يرى القارئ أيضاً بعينيه قطة قصمت ظهرها شظية تقول: عطشانة يا الله . . وأسمع مواء صغاري . . ويرى طفلاً سورياً يقول: كنت أسأل أمي على الدوام: هل للشرطي، والله، والشجرة، والطريق أمهات يغطينهم عند البرد؟
لم أعد أسأل بعد أن غطتني أمكم بالركام..
طفل سوري آخر يقول وهو يحتضر: كنت سأملأ البارحة بمطر الغد، وكنت أعبَ زفير دمشق، امتلأت رئتاي برائحة الجثث، ويقول غريق: أتعلق بحبال صوتك سورية.
رغبات الكاتب المتتالية خرافية اختصرها بإحداها: أن لا تكف مصانعه عن إنتاج الـ (لا) والـ (ليس)، هذا السوري الغارق في الهباء، سيزيف الأعمى الذي رأى حتى عمي، الأخرس الذي يرفع صوته فوق هدير الطائرات والقنابل، وصور تتتالى، وقد مر بنعوش لا حصر لها، يعترف أنه قد مات كثيراً.
أحمد م. أحمد الشاعر والكاتب والمترجم، صدر له (جمجمة الوقت) و(أحرق سفنه إلا نعشاً) والمولود الجديد الذي احتفل به في مقهى الست مع الأصدقاء الذين ملأوا المكان، له ترجمات عديدة لكتاب عالميين، وهو المسافر المتنقل دوماً بين أمريكا وطرطوس . .
يصيد كاتبنا المبدع طائر كوليريدج ببراعة، في كتاب من مئة صفحة، من القطع المتوسط، ومن منشورات المتوسط – إيطاليا.

سعاد سليمان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار